ولو درس البروتستانت الكتاب بروح الصلاة لرأوا الصفة الحقيقية للبابوية ولجعلهم ذلك يمقتونها وينبذونه ا. لكنّ كثيرين هم حكماء في غرورهم بحيث لا يحسون بحاجتهم الى طلب وجه الله بتذلل ليرشدهم الى الحق . ومع انهم يفاخرون بالنور الذي عندهم فانهم لا يعرفون الكتب ولا قوة الله . ينبغي لهم ان يجدوا وسيلة لتهدئة ضمائرهم ولذلك يطلبون الوسيلة الاقل روحانية والتي ليس فيها اذلال كبير لهم . فما يرغبون فيه هو وسيلة بها ينسون الله وتظهر للناس كأنها تذكرهم به . والبابوية تصلح تماما لسد حاجة امثال هؤلاء الناس جميع ا. فهي معدة لفريقين من بني الانسان يشملان العالم كله تقريبا : اولئك الذين يريدون ان يخلصوا باستحقاقهم واولئك الذين يريدون ان يخلصوا في خطاياهم. هنا سر قوة البابوية. GC 621.1
جاءت على البابوية ايام كانت فيها الظلمة العقلية العظيمة عاملة على تقدمها ونجاحه ا. وسيظهر مع ذلك ان ايام الاستنارة العقلية العظيمة تعمل ايضا بالقدر نفسه على نجاحه ا. ففي العصور السالفة عندما كان الناس محرومين من كلمة الله ومن معرفة الحق كانوا معصوبي الاعين، وقد وقع آلاف منهم في الشرك اذ لم يروا الفخاخ والشباك المنصوبة لا رجلهم. اما في هذا العصر فيوجد كثيرون ممن قد بهرهم لمعان نور الآراء البشرية، ”العلم الكاذب الاسم“، فلا يرون الشبكة، ويسقطون فيها بسرعة كما لو كانت عيونهم معصوبة . لقد قصد الله ان يعتبر الانسان القوى العقلية هبة مقدمة اليه من جابله وان تستخدم في خدمة الحق والبر، ولكن متى احتضن الناس الكبرياء والطموح واعتبروا آراءهم ونظرياتهم ارفع من كلمة الله فحينئذ يكون الذكاء ابلغ ضررا من الجهل . وهكذا فالعلم الكاذب في هذه الايام، الذي يقوض ايمان الناس بالكتاب، سيبره ن على نجاحه في تمهيد الطريق لقبول البابوية بطقوسها المسرة كما قد نجح حبس المعرفة والنور عن الناس في فتح الطريق لتعظيم البابوية في عصور الظلام. GC 621.2
في الحركات الجارية في الولايات المتحدة في هذه الايام لكي تظفر مؤسسات الكنيسة وممارساتها بمعاضدة الدولة نرى البرو تستانت سائرين في اثر خطوات البابويين . بل اكثر من هذا فانهم يفتحون الباب على مصراعيه لتسترد البابوية في امريكا البروتستانتية، السيادة التي كانت قد خسرتها في العالم القديم. والذي يضفي على هذه الحركة أهمية اعظم هو حقيقة كون الغرض الاهم الذي فكروا فيه هو ارغام الشعب على حفظ يوم الاحد، وهذه عادة صدرت اصلا من روما التي تعتبرها سمة ورمزا لسلطانه ا. انها روح البابوية، اي روح الامتثال للعادات العالمية واكرام تقاليد الناس اكثر من وصايا الله، ما يتسرب الآن الى الكنائس البروتستانتية ويسوقهم الى تعظيم يوم الاحد نفسه، الام ر الذي سبقتهم البابوية الى عمله. GC 622.1