وإذ تبين ان احكام المجامع لا تكفي استعين بالسلطات الدنيوية على اصدار منشور يوقع الرعب في قلوب الشعب ويرغمهم على الامتناع عن العمل يوم الاحد . ففي مجمع عقد في روما اثبتت القرارات السالفة على نحو رسمي حازم. وقد أدمجت ايضا ضمن القانون الاكليريكي — الحق القانوني — ونفذتها السلطات المدنية في كل انحاء العالم المسيحي تقريبا (٣٦٤). GC 624.2
ولكن عدم وجود سلطان كتابي يأمر بحفظ يوم الاحد تسبب في كثير من الحيرة والارتباك . وقد تس اءل الشعب عن حق معلميهم الذي يخولهم ان يلقوا جانبا اعلان الرب القاطع الذي يقول: ”اما اليوم السابع ففيه سبت للرب الهك“ لكي يكرموا يوم الشمس ويحفظوه . فلكي يُسدّ النقص في الشهادة الكتابية كان لا بد من ايجاد وسائل اخرى . وكان احد الناس الغيورين على انتصار يوم الاحد قد زار كنائس انجلترا في اواخر القرن الثاني عشر فقاومه شهود الحق الامناء، وقد كانت جهوده عبثا بحيث رحل عن تلك البلاد بعض الوقت،وكان يفكر GC 624.3
في بعض الوسائل لفرض تعاليمه على الناس . وعندما عاد سُدت الحاجة وكللت اعماله بعد ذلك بنجاح اعظم : فقد احضر معه سفرا يدل على انه من الله نفسه، فيه الامر المطلوب لحفظ يوم الاحد مع تهديدات رهيبة ليرعب بها العصاة . فهذه الوثيقة الثمينة التي هي تقليد دنيء كالوصية التي تؤيدها — قيل انها سقطت من السماء ووجدت في اورشليم على مذبح القديس سمعان في جلجثة. لكنّ الحقيقة هي ان ق صر البابا في روما كان هو المصدر الذي خرجت منه. ان الاحتيال والتزوير لأجل نجاح قوة الكنيسة وتقدمها وازدهارها اعتبرا في كل العصور مشروعين في نظر السلطة البابوية . GC 625.1
وقد نهى ذلك السفر عن العمل من الساعة التاسعة اي الثالثة بعد ظهر يوم السبت الى شروق شمس يوم الا ثنين، واعلن ان سلطانه قد ثبت بمعجزات كثيرة. وأشيع ان الناس الذين اشتغلوا اكثر من الساعة المحددة ضُربوا بالفالج . وان طحانا حاول ان يطحن حنطته فرأى بدلا من الدقيق سيلا من الدم يخرج من الطاحون، ثم وقفت عجلة الطاحون برغم قوة اندفاع الماء الذي يديره ا. وان امرأة وضعت عجينا في الفرن ليصير خبزا فلما اخرجته وجدته عجينا كما كان على رغم شدة حرارة النار في الفرن . ثم ان امرأة اخرى كان معها عجين لتخبزه في الساعة التاسعة، لكنها وضعته جانبا الى يوم الاثنين فوجدته في اليوم التالي مصنوعا في هيئة ارغفة ومخبوزا بقوة الله . وان ر جلا خبز خبزا بعد الساعة التاسعة في يوم السبت لما كسر رغيفا منه في اليوم التالي وجد دما يخرج منه، بمثل هذه الخزعبلات والاختلاقات السخيفة حاول المدافعون عن يوم الاحد ان يثبتوا قدسيته (٣٦٥). GC 625.2
وفي اسكوتلانده كما في انجلترا امكن حفظ يوم الاحد على نحو افعل بكونهم ضموا اليه جزءا من يوم السبت القديم . لكنّ اختلافا حصل حول بداية اليوم المقدس . وقد صدر منشور من قبل ملك اسكوتلانده يقول: ”يوم السبت من الساعة الثانية عشرة ظهرا ينبغي اعتباره مقدسا“، وكان يجب الا يزاول اي انسان عملا عالميا من تلك الساعة الى صباح يوم الاثنين (٣٦٦). GC 625.3
ولكن على رغم كل المحاولات لتقديس يوم الاحد اعترف البابويون انفسهم جهارا بالسلطان الالهي ليوم السبت وبأن البشر هم الذين سنوا قانونا بابداله بالاحد. ففي القرن السادس عشر اعلن مجمع بابوي قائلا بكل وضوح: ”ليذكر المسيحيون ان اليوم السابع يوم قدسه الله وقد قبله وحفظه لا اليهود وحدهم بل ايضا جميع الذين يقولون انهم يعبدون الله، مع اننا نحن المسيحيين قد ابدلنا سبتهم بيوم الرب“ (٣٦٧). وكل الذين كانوا يعبثون بشريعة الله لم يكونوا يجهلون صفة عملهم. لقد تعمدوا ان يجعلوا انفسهم فوق الله. GC 626.1