لقد كان قصد الشيطان منذ بدء الصراع الهائل في السماء ان يهدم شريعة الله. فلكي يحقق هذا شرع في العصيان على الخالق، ومع انه طُرد من السماء فقد واصل الحرب نفسها على الارض . ولقد جعل خداع الناس وسوقهم الى التعدي على ش ريعة الله الهدف الذي لم يحد عنه . وسواء تم له هذا بطرح الشريعة بجملتها جانبا أو برفض احدى وصاياها فالنتيجة اخيرا واحدة . فمن عثر في ”واحدة“ يظهر احتقاره للشريعة كلها، وتأثيره ومثاله هما الى جانب التعدي، وهكذا يصير ”مجرما في الكل“ (يعقوب ٢ : ١٠). GC 631.1
ان الشي طان في محاولته ان يلقي الاحتقار على وصايا الله أفسد تعاليم الكتاب وحرّفها، وهكذا اندست الضلالات في إيمان آلاف ممن يعترفون بايمانهم بالكتب المقدسة . والحرب الاخيرة العظيمة بين الحق والضلال انما هي النضال الاخير للصراع الطويل الامد حول شريعة الله . واننا الآن داخلون هذه المعركة بين وصايا الناس ووصايا الله، بين ديانة الكتاب وديانة الخرافات والتقاليد. GC 631.2
ان الاعوان الذين سيتحدون ضد الحق والبر في هذا النضال دائبون في عملهم الآن بكل نشاط . وكلمة الله المقدسة التي سُلمت الينا بهذا الثمن الغالي من الآلام والدماء قلَّ من يقدرها قدره ا. والكتاب المقدس هو في متناول ايدي الجميع، ولكن قليلون هم الذين يقبلونه حقا كمرشد للحياة . فقد تفشى الالحاد بدرجة مريعة مفزعة ليس في العالم وحده بل أيضا في الكنيسة . وكثيرون بلغوا حد انكار العقائد التي هي ذات الاعمدة التي يرتكز عليها الايمان المسيحي. فحقائق الخلق العظيمة كما قد أوردها الكتبة الملهمون، وسقوط الانسان، والكفارة، وثبات شريعة الله ودوامها قد رفضها الناس عمليا سواء جملة أو جزئيا، رفضها جمع كبير ممن يعترفون بالمسيح في العالم المسيحي . ان آلافا من الناس الذين يفخرون بحكمتهم واستقلالهم يعت برون دليلا من دلائل الضعف كونهم يضعون ثقتهم التامة في الكتاب ويحسبونه برهانا على المواهب الفذة والعلم الغزير، فهم يماحكون في الكتاب المقدس ويحرفونه ويشوهون حقائقه الشديدة الاهمية . وكثيرون من الخدام يعلِّمون شعبهم، وكثيرون من الاساتذة يعلمون تلاميذهم ان شر يعة الله قد تغيرت أو نُسخت . والذين يعتبرون مطالبها ثابتة وانه ينبغي اطاعتها طاعة حرفية يُظن أنهم يستحقون السخرية أو الاحتقار. GC 631.3
فالناس اذ يرفضون الحق انما يرفضون معطيه ومبدعه . واذ يدوسون على شريعة الله فهم ينكرون سلطان المشترع . من السهل أن نصوغ صنما من العق ائد الكاذبة والنظريات الخاطئة مثلما ننحت صنما من الخشب أو الحجر . ان الشيطان بتشويهه صفات الله يسوق الناس الى ان يتصوروه في صفة كاذبة . فبالنسبة الى كثيرين صارت الفلسفة صنما متربعا في مكان الرب، بينما الذين يعبدون الله الحي كما هو معلن في كلمته وفي المسيح وفي اعمال الخلق قليلون . وآلاف من الناس يؤلهون الطبيعة في حين انهم ينكرون اله الطبيعة . الوثنية موجودة اليوم في العالم المسيحي كما قد وجدت بين الاسرائيليين قديما في ايام ايليا، وان يكن في هيئة مختلفة . واله كثيرين ممن يجاهرون بحكمتهم، والفلاسفة، والشعراء والساس ة ورجال الصحافة — الاله الذي تتعبد له الاوساط العصرية المثقفة في كثير من الكليات والجامعات، بل حتى في بعض معاهد اللاهوت — هو أفضل قليلا من بعل، اله الشمس الذي كان يتعبد له الفينيقيون. GC 632.1