وكما أوعز الشيطان الى عيسو ان يخرج لمحاربة يعقوب كذلك سيثير الاشرار لاهلاك شعب الله في زمان الضيق . وكما اشتكى على يعقوب سيقدم اتهاماته ضد شعب الله . انه يعتبر سكان العالم رعايا له، لكنّ الشرذمة القليلة الذين يحفظون وصايا الله يقاومون سلطانه . فلو امكنه ان يمحوهم من على وجه الارض لكان انتصاره كاملا . ولكنه يرى ان الملائكة القديسين يحرسونهم ويستنتج من ذلك ان خطاياهم قد غفرت ولكنه لا يعلم ان قضاياهم قد بُتَّ فيها في القدس السماوي . ان لديه معرفة دقيقة بالخطايا التي قد جربهم ليرتكبوها فيستعرض هذه الخطايا أمام الله في نور مبالغ فيه جدا، وهو يصور هذا الشعب على انه يستحق الطرد بعيدا عن رضى الله مثله هو تماما، ويعلن ان الله لا يكون عادلا اذا غفر خطاياهم و في الوقت نفسه يهلكه هو وملائكته . وهو يدعي انهم فريسته ويطلب تسليمهم اليه ليهلكهم. GC 669.2
وكما يتهم الشيطان شعب الله بسبب خطاياهم فالرب يسمح له بان يجربهم الى أقصى الحدود . وستُمتحن ثقتهم بالله وايمانهم وثباتهم بكل دقة . واذ يراجعون الماضي تضعف آمالهم لا نهم مدى حياتهم لا يرون الا قليلا من الخير . ويشعرون شعورا كاملا بضعفهم وعدم استحقاقهم . والشيطان يحاول ان يرعبهم بالفكر ان قضيتهم ميئوس منها وان لوثات نجاستهم لا يمكن ان تمحى . وهكذا يحاول ان يلاشي ايمانهم حتى يخضعوا لتجاربه وينفضوا ايديهم من الولاء لله. GC 670.1
ومع ان شعب الله سيكونون محاطين باعداء قد عقدوا العزم على اهلاكهم فان العذاب الذي يتألمون منه ليس الخوف من اضطهادهم لاجل الحق بل الخشية من ان لا يكونوا قد اعترفوا بكل خطيئة اقترفوها والاخفاق بسبب خطأ فيهم في التأكد من وعد المخلص القائل: ”سأحفظك من س اعة التجربة العتيدة ان تأتي على العالم كله“ (رؤيا ٣ : ١٠). فلو أمكنهم الحصول على يقين الغفران لما انكمشوا امام العذاب أو الموت، اما اذا برهنوا على عدم استحقاقهم وخسروا حياتهم بسبب نقص اخلاقهم فاسم الله القدوس سيلحقه العار بسببهم. GC 670.2
انهم من كل جانب يسمعون بمؤامرات الخيانة ويرون اعمال العصيان الناشطة، وفي أعماق نفوسهم توجد رغبة حارة وشوق قلبي شديد الى انتهاء الارتداد العظيم ووضع حد لشر الاشرار . ولكن فيما هم يجاهدون مع الله حتى يوقف عمل العصيان فانهم يحسون احساسا جارحا اذ يلومون انفسهم لانه لا قوة عندهم تكفي للمقاومة وصد تيار الشر القوي . وهم يحسون انهم لو استخدموا كل قواهم في خدمة المسيح وتقدموا من قوة الى قوة لكانت كل قوات الشيطان تمسي أضعف من أن تنتصر عليهم . GC 670.3
انهم يذللون انفسهم امام الله ويشيرون الى توبتهم الماضية عن خطاياهم الكثيرة، متوسلين الى المخلص ان يت مم لهم هذا الوعد: ”يتمسك بحصني فيصنع صلحا معي . صلحا يصنع معي“ (اشعياء ٢٧ : ٥). ان ايمانهم لا يضعف لانهم لم يتلقوا اجابة سريعة لصلواتهم . ومع ان ذلك التأخير يوقعهم تحت طائلة الجزع الشديد والرعب والضيق فانهم لا يكفون عن تقديم توسلاتهم . انهم يتمسكون بقوة الله كما قد تمسك يعقوب بالملاك، ولسان حال نفوسهم هو هذا: ”لا أطلقك ان لم تباركني“. GC 670.4