ولو لم يكن يعقوب قد سبق فتاب عن خطيئته في الحصول على البكورية بالمخاتلة لما سمع الله صلاته وبرحمته صان حياته . وكذا في وقت الضيق لو كانت قد بقيت عليهم خطايا لم يعترفوا بها وهم معذبون بالخوف والآلام لكانوا ينغلبون ويرتبكون، ولكان اليأس يقضي على ايمانهم ولما بقيت عندهم ثقة بها يتقدمون الى الله في طلب النجاة . ولكن في حين انهم يشعرون شعورا عميقا بعدم استحقاقهم فلا تبقى في قلوبهم خطايا مستت رة ليكشفوا عنها. لقد دينت خطاياهم من قبل ومُحيت، ولا يمكن ان تذكر بعد. GC 671.1
يجعل الشيطان كثيرين يعتقدون ان الله سيتغاضى عن عدم امانتهم في شؤون الحياة الصغرى، لكنّْ الرب يبرهن في معاملته ليعقوب انه لا يمكن ان يقر الشر او يتسامح معه . وكل من يحاولون الاعتذ ار عن خطاياهم او اخفاءها ويتركونها مسجلة في اسفار السماء من دون ان يعترفوا بها أو تغفر سينهزمون امام الشيطان . وكلما كان ادعاؤهم معظما ومركزهم محترما كان تصرفهم مغيظا ومكدرا لله وكان انتصار العدو العظيم موكدا. والذين يؤخرون الاستعداد ليوم الله لا يمكنهم الاستعداد في زمان الضيق أو أي زمن يأتي بعده . ان حالة امثال هؤلاء هي حالة ميئوس منها. GC 671.2
ان المعترفين بالمسيحية الذين يتقدمون الى ذلك الصراع الهائل وهم غير مستعدين ففي يأسهم سيعترفون بخطاياهم بكلمات مؤلمة ملتهبة في حين يبتهج الاشرار بالضيق الذي يحل بهم . هذه الاعترافات شبيهة باعتراف عيسو او يهوذ ا. فالذين يقدمونها يندبون ليس جرم الخطيئة بل قصاصه ا. فهم لا يشعرون بانسحاق حقيقي أو كراهة للشر . انهم يعترفون بخطيئتهم خيفة القصاص، ولكن عن دما يكف العقاب يعودون الى تحديهم للسماء كما كانت الحال مع فرعون قديما. GC 671.3
ثم ان تاريخ يعقوب هو ايضا ضمان لحقيقة كون الله لن يطرح بعيدا أولئك الذين قد غُرر بهم وجُربوا وسقطوا في الخطيئة ولكنهم رجعوا اليه بتوبة صادقة . ففي حين ان الشيط ان يحاول اهلاك هذه الفئة من الناس فالله سيرسل ملائكته لتعزيتهم وحراستهم في وقت الخطر . ان الشيطان يقوم بهجماته بكل عنف واصرار . وضلالاته مرعبة، ولكن عين الرب هي على شعبه واذنه تصغي الى صرخاتهم . ضيقهم عظيم ويبدو كأن لهب الاتون موشكة ان تلتهمهم، ولكنّ الممحِّص سيخرجهم كالذهب المصفى بالنار. ولن تتغير محبة الله لاولاده عندما يجوزون في أقسى التجارب بل تظل كما كانت في وقتها ورقتها ايام الصفاء والنجاح . ولكن ينبغي ان يوضعوا في اتون النار حتى يحترق تعلقه م بما هو أرضي ويمكنهم ان يعكسوا صورة المسيح في كمال بهائها. GC 672.1