يتطلب وقت الضيق والألم اللذين ينتظراننا ايمانا يتحمل الكلال والتأخير والجوع، ولا يهن ويضعف حتى ولو جُرِّب بكل شدة وصرامة . وتُمنح فترة الاختبار للجميع ليتأهبوا لذ لك الوقت . لقد غلب يعقوب بسبب مواظبته وتصميمه . ونصرته برهان على اقتدار الصلاة التي تقدَّم بلجاجة . وكل من يريدون التمسك بمواعيد الله كما قد فعل هو ويكونون حارين وجادين ومداومين على الصلاة مثله سينجحون كما قد نجح . اما الذين لا يرغبون في انكار الذات أو المكافحة والمجاهدة أمام الله، أو الصلاة وقتا طويلا وبكل غيرة وحرارة في طلب بركته، فلن ينالوه ا. المجاهدة مع الله — ما أقل من يعرفون ما هي ! ما أقل الذين قد انجذبت نفوسهم نحو الله في شدة لهفتهم حتى وصلت كل قواهم الى أقصى حد ودها. عندما تكتسح المصليَ أمواج اليأس الذي لا يمكن التعبير عنه فما أقل من يتعلقون بمواعيد الله بايمان لا يكل ولا يسلِّم. GC 672.2
ان الذين يمارسون ايمانا قليلا الآن هم في اعظم خطر من السقوط تحت سلطان خدع الشيطان والامر بارغام الضمير . وحتى لو صمدوا للامتح ان فسيغمرهم حصر وألم عظيمان في زمان الضيق لانهم لم يتعودوا الاتكال على الرب. ودروس الايمان التي أهملوها سيضطرون الى تعلمها تحت الضغط المخيف الناتج من خور العزيمة والخوف. GC 673.1
علينا الآن ان نتعرَّف بالله بتكشف مواعيده . ان الملائكة يسجلون كل صلاة حارة مخلصة . وحريّ بنا ان نستغني عن المسرات الانانية فلا نهمل الشركة مع الله .فاعمق فقر واعظم انكار للذات مع رضى الله واستحسانه أفضل من الغنى والكرامة والراحة والصداقة من دون رضاه . علينا ان نقضي وقتا في الصلاة . اننا اذا كنا نسمح لعقولنا بان تنشغل في المسرات العالمية والمصا لح الدنيوية فقد يعطينا الرب وقتا بنزعه من قلوبنا أصنام الذهب أو البيوت أو الارض الخصبة. GC 673.2
قد لا يُغوى الشباب على ارتكاب الخطيئة اذا كانوا يرفضون السير في طريق غير ذلك الذي يمكنهم فيه ان يسألوا بركة الله . اذا كان الرسل الذين يحملون الانذار الاخير الخطير ا لى العالم يصلّون طلبا لبركة الله ليس بطريقة باردة فاترة متكاسلة بل بحرارة وايمان كما قد فعل يعقوب فسيجدون اماكن كثيرة فيها يمكنهم ان يقولوا: ”نظرت الله وجها لوجه ونُجيت نفسي“ (تكوين ٣٢ : ٣٠). وسيُعتبرون في نظر السماء كأمراء اذ جاهدوا مع الله و الناس وقدروا. GC 673.3
”زمان الضيق الذي لم يكن مثله“ قادم علينا سريعا وسنحتاج الى اختبار لا نملكه الآن ويتكاسل كثيرون في الحصول عليه . والواقع في غالب الاحيان هو ان توقع حدوث الضيق اعظم منه في حقيقته، ولكن هذا لا يصدق على الازمنة التي أمامن ا. فأجلى عرض لا يمك نه تصوير جسامة التجربة كما يجب . ففي وقت التجربة ذاك على كل انسان ان يمثل بنفسه امام الله . ”وفي وسطها نوح ودانيال وأيوب فحي انا يقول السيد الرب انهم لا يخلصون ابنا ولا ابنة. انما يخلصون انفسهم ببرهم“ (حزقيال ١٤ : ٢٠). GC 673.4