والاحياء الابرار يتغيرون ”في لحظة في طرفة عين“. لقد تمجدوا لدى سماعهم صوت الله، أما الآن فقد صاروا خالدين، ومع القديسين المقامين يُخطفون لملاقاة الرب في الهواء . ان الملائكة ”يجمعون مختاريه من الرياح الاربع من أقصى السموات الى أقصائها“، والاولاد الصغار سيحملهم الملائكة القديسون الى أذرع امهاتهم . والاصدقاء الذين قد فرَّق الموت بينهم طويلا يجتمعون معا ولن يفترقوا فيما بعد، وبأناشيد الفرح يرتفعون معا الى مدينة الله. GC 698.1
وعلى كل جانب من جوانب مركبة السحاب اجنحة وتحتها عجلات حية، واذ تصعد المركبة الى السماء تصرخ العجلات قائلة: ”قدوس“، والاجنحة اذ تتحرك تصرخ قائلة ”قدوس“. وحاشية الملائكة سيهتفون قائلين ”قدوس قدوس قدوس الرب الاله القدير“. والمفتدون يهتفون قائلين ”هللويا“ عندما تصعد المركبة الى اورشليم الجديدة. GC 698.2
وقبل الدخول إلى مدينة الله يمنح المخلص اتباعه رموز الانتصار ويُلبسهم أوسمة حالتهم الملكية . وتلك الصفوف المتألقة بالنور يرتفعون في هيئة ميدان فسيح ويلتقون حول مليكهم الذي يرتفع جسمه في جلال سامٍ فوق القديسين والملائكة ووجهه يشرق عليهم يملؤه الحب الرؤوف . وبين جموع المفتدين التي لا تحصى تتجه كل الانظار اليه وكل عين سترى مجده هو الذي ”كان منظره كذا مفسدا أكثر من الرجل وصورته أكثر من بني آدم“ (اشعياء ٥٢ : ١٤). وعلى رؤوس المنتصرين سيضع يسوع أكاليل المجد بيده اليمنى . ولكل واحد اكليله مكتوبا عليه ”اسمه الجديد“ (رؤيا ٢ : ١٧) وهذه الكتابة ”قدس للرب“. وستعطى لكل المفتدين سعف النخل فيمسكونها بأيديهم كما يمسكون بالقيثارات اللامعة . وحينئذ اذ يعزف الملائكة القواد النغمة المطلو بة فكل يد تلامس أوتار القيثارة لمسات ماهرة مدربة، فتستيقظ النغمات الموسيقية العذبة ويهتز كل قلب طربا بفرح لا يُنطق به ويرتفع كل صوت مسبحا تسبيحة الشكر قائلا: ”الذي أحبنا وقد غسلنا من خطايانا بدمه وجعلنا ملوكا وكهنة لله أبيه له المجد والسلطان الى ا بد الآبدين آمين“ (رؤيا ١ : ٥ و ٦). GC 699.1
وأمام جموع المفتدين تُرى المدينة المقدسة . فيفتح يسوع الابواب اللؤلؤية على سعتها فتدخل كل الامم التي قد حفظت الحق . وهناك يرون فردوس الله، البيت الذي كان يعيش فيه آدم وهو في حال البرارة . وحينئذ يُسمع ذلك الصوت الذي هو أقوى وأعمق من أي موسيقى سمعتها اذن انسان، قائلا: ”لقد انتهت حربكم“، ”تعالوا يا مباركي ابي رثوا الملكوت المعد لكم منذ تأسيس العالم“. GC 699.2
وحينئذ تجاب طلبة المخلص لاجل تلاميذه حين صلى قائلا: ”أريد أن هؤلاء الذين أعطيتني يكونون معي حيث أكون انا“. ”ويوقفكم أمام مجده بلا عيب في الابتهاج“ (يهوذا ٢٤). والمسيح يقدم الى الآب مقتنى دمه معلنا وقائلا: ”ها انا والاولاد الذين أعطيتنيهم“. ”الذين أعطيتني حفظتهم“. آه ما أعجب معجزات المحبة الفادية ! وما أعظم الفرح، فرح تلك الساعة الت ي فيها عندما ينظر الآب السرمدي الى المفتدين يرى صورته، وعندما ينتهي تشويش الخطيئة ونزاعها يعود الانسان مرة أخرى الى الاتفاق والانسجام مع الله! GC 699.3
وبمحبة لا توصف يرحب يسوع بعبيده الامناء للدخول الى ”فرح سيدهم“. ففرح المخلص ينحصر في كونه يرى في ملك وت المجد النفوس التي قد خلصت بقوة آلامه واتضاعه . وسيشاركه المفتدون في فرحه اذ يرون بين أولئك المغبوطين أولئك الذين قد رُبحوا للمسيح عن طريق صلواتهم وجهودهم وتضحيات محبتهم . واذ يجتمعون حول العرش العظيم الابيض تمتلئ قلوبهم بفرح لا يُنطق به عندما يرون الذين ق د ربحوهم للمسيح ويرون ان واحدا قد ربح آخرين وهؤلاء ربحوا آخرين والجميع وصلوا الى ميناء الراحة وموطن السلام حيث يطرحون تيجانهم عند رجلي يسوع ويسبحونه مدى أجيال الابدية اللانهائية. GC 700.1