في حياة كل من يرفضون الحق لحظات يستيقظ فيها الضمير، وتستعرض الذاكرة تلك الذكرى المعذبة للنفس، ذكرى تلك الحياة التي لعب فيها النفاق دورا كبيرا. فتنزعج من الندامة غير الم جدية. ولكن ما هذه كلها اذ ا قيست بحسرة ذلك اليوم ”اذا جاء خوفكم كعاصفة“ وعندما ”أتت بليتكم كالزوبعة“ (أمثال ١ : ٢٧). ان الذين كانوا يتمنون لو يهلكون المسيح وشعبه الامناء يرون الآن المجد الذي يستقر عليهم . وفي غمرة رعبهم يسمعون اصوات القديسين وهم يترنمون ويهتفون هتاف الفرح قائلين: ”هوذا هذا الهن ا. انتظرناه فخلصنا“ (اشعياء ٢٥ : ٩). GC 697.1
وفيما الارض تترنح، وفي وسط وميض البروق وهزيم الرعود، يدعو ابن الله بصوته القديسين الراقدين ليخرجوا من قبورهم . انه ينظر الى قبور الابرار، وحينئذ اذ يرفع يديه نحو السماء يصرخ ق ائلا: ”استيقظوا استيقظو ا وقوموا يا سكان التراب !“ وفي طول الارض وعرضها سيسمع الاموات ذلك الصوت . والسامعون يحيون وستهتز الارض كلها من دوس أقدام ذلك الجيش العظيم جدا من كل أمة وقبيلة ولسان وشعب . وسيخرجون من بيت سجن الموت متسربلين بمجد لا يرذل صارخين وقائلي ن: ”أين شوكتك يا موت . اين غلبتك يا هاوية“ (١ كورنثوس ١٥ : ٥٥). ثم يشترك الابرار الاحياء مع القديسين المقامين في هتاف انتصار عالٍ وطويل وبهيج. GC 697.2
وسيخرج الجميع من قبورهم وستكون لاجسامهم القامة نفسها كما كانت عند دخولهم القبر . وآدم الذي يقف في وسط ذلك الجم ع العظيم سيكون فارع الطول وهيئته هيئة الجلال، ولكنه سيكون أدنى قليلا في القامة من ابن الله. وسيكون الفرق كبيراً ملحوظاً بينه وبين من عاشوا في العصور الاخيرة . وفي هذا الاعتبار الواحد سيتبرهن الانحطاط العظيم لجنسن ا. لكن الجميع يقومون في حداثة ش بابهم ونشاطهم الابديين . لقد خلق الانسان في البدء على صورة الله ليس فقط في الصفات بل في الهيئة ومعالم الوجه . لكن الخطيئة شوهت وكادت تمحو صورة الله، غير ان المسيح قد جاء ليعيد الينا ما قد خسرناه . وهو سيغير شكل جسد تواضعنا ليكون على صورة جسد مجده (فيلبي ٣ : ٢١). فالجسم الفاني الفاسد المجرد من الجمال والذي قد أفسدته الخطيئة مرة يصير كاملاً وجميلاً وخالد اً. وكل العيوب والتشويهات ستترك في القبر. واذ تُعاد الى المفتدين شجرة الحي اة في عدن بعدما حُرموا منها وخسروها طويلا فانهم ”ينشأون“ (ملاخي ٤ : ٢) الى ملء قامة جنسنا في حالته الاصلية . وآخر ما يتبقى من آثار لعنة الخطيئة سيُرفع، وسيبدوا اتباع المسيح الامناء في “ بهاء الرب الهنا ” في الذهن والنفس والجسد، ويعكسون صورة سيدهم الحقيقية . فيا له من فداء مجيد طال الحديث عنه وتمناه شعب الله طو يلا وتأملوا فيه بانتظارات متلهفة، ولكن لم يُفهم فهم ا كاملا! GC 697.3