وفي أثناء الرحلة رأى هس دلائل على انتشار تعاليمه في كل مكان وقبول الناس دعوته قبولا حسنا، فقد تجمهر الناس لمقابلته، وفي بعض المدن كان الحكام يتبعونه في الشوارع. GC 118.2
عند وصول هس الى كونستانس مُنح حرية كاملة . وأُضيف الى صك الامان الممنوح له من الامبراطور تأكيد شخصي بحراسة البابا له . ولكن على رغم ذلك فكل تلك العهود والتأكيدات المقدسة المتكررة قد انتُهكت ونقضت اذ اعتقل بعد وقت قصير بأمر البابا والكرادلة وألقي به في جب كريه ا لرائحة. وبعد ذلك نُقل الى قلعة منيعة عبر الرين وحُفظ اسيرا فيه ا. أما البابا الذي لم يستفد من غدره فقد ألقي به هو نفسه بعد ذلك بوقت قصير في السجن ذاته (٢٤) بعدما تأكد للمجمع أنه قد ارتكب أحط الجرائم، فضلاً عن القتل والسيمونية والزنا، ”خطايا ذكرها أيضا قبيح“، على حد قول المجمع . وأخيرا جُرد من تاج البابوية وطرح في السجن. والبابوان الآخران المتنافسان خُلعا، واختير بابا جديد. GC 118.3
ومع أن البابا نفسه كان مرتكبا جرائم اعظم من تلك التي أتهم بها هس الكهنة وبسببها طالب بالاصلاح، فان المجمع عينه الذي جرد البابا من رتبته تقد م ليسحق المصلح . ولقد أثار خبر اعتقال هس سخطا عظيما في بوهيميا، فقدم بعض الأمراء الأقوياء احتجاجات شديدة ضد هذا الاعتداء . والامبراطور الذي كان يرفض السماح بانتهاك صك الامان قاوم الاجراءات التي اتخذت ضد هس . لكنّ اعداء المصلح كانوا خبثاء وأصرو ا على تنفيذ أغراضهم . وقد لجأوا الى تعصب الامبراطور ومخاوفه وغيرته على الكنيسة . وقدموا حججا مطولة يبرهنون بها أن ”الايمان ينبغي الا يُحفظ لدى الهراطقة أو من يشتبه بأنهم هراطقة حتى ولو كانت في أيديهم صكوك أمان من الامبراطور أو الملوك“ (٢٥). وهكذا انتصروا. GC 119.1
ومع أن هس كان في منتهى الاعياء والضعف من أثر المرض الذي أصابه في السجن — لأن الهواء الرطب المتعفن والأبخرة الكريهة التي كانت تنبعث من سجنه المحتبس الهواء أصابته بحمى كادت تقضي على حياته — فقد أتى به أخيرا ليمثل أمام المجلس . فوقف موثقا بالأصفاد الثقيلة في حضرة الامبراطور الذي كان قد تعهد بحمايته . وفي أثناء المحاكمة الطويلة ظل متمسكا بايمانه بكل قوة وثبات . وأمام أحبار الكنيسة ورجال الدولة المجتمعين نطق باحتجاج مقدس أمين ضد فساد رجال الكهنوت . وعندما طُلب منه أن يختار بين أن ينكر عقائده أو يُحكم عليه بالموت فقد قبل أن يموت شهيدا. GC 119.2