وفي ظلام سجنه رأى بعين الايمان نصرة الايمان الحقيقي. واذ عاد بأفكاره وأحلامه الى الكنيسة في براغ حيث كرز بالانجيل رأى البابا وأساقفته وقد محوا صور المسيح وطمسوا معالمها التي كان هو قد رسمها على الجدران. ”وقد أزعجته هذه الرؤيا وأفزعته. ولكنه رأى في اليوم التالي كثيرين من الرسام ين عاكفين على اعادة رسم تلك الصور. وقد زاد عددها واشتد لمعان الوانها . وعندما انتهى أولئك الفنانون من رسم تلك الصور وقد احتشد حولهم جمع كثير صاحوا قائلين : ليأتِ الآن البابوات والأساقفة، انهم مهما جاهدوا لن يستطيعوا أن يطمسو ا هذه الصور بعد الآن“ وقال ذلك المصلح وهو يقص حلمه: ”اني متأكد من هذا أن صورة المسيح لن تطمس ابدا . لقد كانوا يتمنون ملاشاتها، لكنّها ستُرسم من جديد في كل القلوب بواسطة مبشرين أفضل مني“ (٢٧). GC 120.2
أوقف هس أمام المجمع للمرة الأخيرة، وكان الاجتماع حافلا بشخصيات شهيرة. كان هناك الامبراطور وأمراء الامبراطورية والكرادلة والأساقفة والكهنة، وجمع غفير من الناس الذين أتوا لمشاهدة أحداث ذلك اليوم، وكان كثيرون من أنحاء بلدان العالم المسيحي قد اجتمعوا ليكونوا شهودا على أول ضحية عظيمة في الصراع الطويل الذي كان سيتقرر فيه مبدأ حرية الضمير وحرية العبادة. GC 120.3
واذ كان هس قد استُدعي ليدلي بقراره النهائي أعلن أنه يرفض انكار تعاليمه. وثبَّت نظره الثاقب على الملك الذي انتهك على نحو مشين عهده له وأعلن قائلا: ”لقد عزمت بمحض اختياري أن أمثل أمام المجلس تحت حماية الملك الحاضر هنا الان وبناء على وعده لي بالأمان“ (٢٨)، فاحمر وجه سجسموند خجلا عندما اتجهت اليه انظار كل الحاضرين. GC 121.1
وبعد النطق بالحكم بدأت اجراءات تجريده من رتبته الكهنوتية . وقد ألبس الأساقفة اسيرهم الزي الكهنوتي، فقال معلق ا: ”ان ربنا يسوع المسيح ألبس رداء أبيض بقصد اهانته عندما أمر هيرودس بأخذه الى بيلاطس“ (٢٩). وعندما أمر مرة أخرى بأن يتراجع عن تعاليمه التفت الى الشعب ثم أجاب قائلا: ”اذاً بأي وجه أشاهد السموات؟ وكيف أنظر الى جموع الناس الذين قد بشرتهم بالانجيل الطاهر؟ كلا فأنا أقدر خلاصهم أكثر م ما أقدر هذا الجسد الفاني المحكوم عليه بالموت“. وقد جُرد من ملابسه الكهنوتية قطعة بعد أخرى، وكلما قام أسقف بدوره في الاحتفال كان ينطق على هس باللعنة . وأخيرا وضعوا على رأسه اكليلا من الورق هرمي الشكل رُسمت عليه صور مخيفة للابالسة وقد كُتبت عليه كلمة ”كبير ا لهراطقة“ في مكان ظاهر فوق جبينه . فقال هس: ”انني بفرح عظيم ألبس اكليل العار هذا لأجلك يا يسوع، أنت الذي من أجلي قد أُلبست اكليلا من الشوك“. GC 121.2
بعد ذلك وقف الأساقفة روحه للشيطان . أما جون هس فرفع عينيه نحو السماء وقال: ”أما أنا ففي يديك استودع روحي أيها الرب يسوع لأنك قد فديتني“ (٣٠). GC 121.3