كان البابا قد هدد لوثر بالحرمان أو العزل اذا لم ينكر تعاليمه ويتبرأ منها، وقد تمم وعيده . فلقد ظهرت براءة بابوية جديدة معلنة انفصال المصلح عن الكنيسة البابوية، مشهِّرة به كمن هو ملعون من السماء، كما شملت هذه الادانة نفسها كل من يقبلون تعاليمه. وهكذا بدأ ذلك النضال العظيم. GC 158.2
ان المقاومة هي من نصيب كل الذين يستخدمهم الله في تقديم الحق الذي يناسب عصرهم . كان هنالك حق يناسب أيام لوثر، وكان ذلك الحق مهماً جدا في تلك الايام . ويوجد حق يناسب الكنيسة اليوم . فذاك الذي يفعل كل شيء حسب رأي مسرته قد س ر بان يضع الناس في ظروف مختلفة ويفرض عليهم واجبات خاصة بالعصور التي يعيشون فيها والاحوال التي يوجدون فيه ا. فلو انهم يقدرون النور المعطى لهم فستنكشف امامهم آفاق اوسع من الحق . ولكن الحق ليس مقبولا ولا مرغوبا فيه لدى السواد الاعظم من الناس في هذه الايام اكثر مما كان مقبولا لدى البابويين الذين قاوموا لوثر . وكما كانت الحال قديما كذلك هي اليوم اذ يميل كثيرون الى قبول نظريات الناس وتقاليدهم بدلا من قبول كلمة الله . والذين يقدمون الحق في أيامنا هذه ينبغي لهم الا ينتظروا من الناس ترحيبا أو قبولا اكثر مما لا قى المصلحون الاقدمون . ان الصراع الهائل بين الحق والضلال وبين المسيح والشيطان لا بد أن يزداد هولا واشتدادا حتى نهاية تاريخ العالم. GC 158.3
لقد قال يسوع لتلاميذه: ”لو كنتم من العالم لكان العالم يحب خاصته. ولكن لانكم لستم من العالم بل أنا اخترتكم من العالم لذلك يبغ ضكم العالم . اذكروا الكلام الذي قلته لكم ليس عبد أعظم من سيده . ان كانوا قد اضطهدوني فسيضطهدونكم وان كانوا قد حفظوا كلامي فسيحفظون كلامكم“ (يوحنا ١٥ : ١٩ و ٢٠). ومن ناحية اخرى فقد أعلن السيد قائلا بكل وضوح: ”ويل لكم اذا قال فيكم جميع الناس حسنا لأنه هكذا كان آباؤكم يفعلون بالانبياء الكذبة“ (لوقا ٦ : ٢٦). ما عاد روح العالم منسجما مع روح المسيح اليوم أكثر مما كان في العصور السالفة. واولئك الذين يبشرون بكلمة الله في طهارتها لا يقابلهم الناس بالرضى اكثر مما كانوا في العصور الخالية . قد تختلف ضروب مقاومة الحق، وقد تك ون العداوة مستترة لكونها اشد مكرا وخبثا، لكنّ الخصومة نفسها باقية وستظل قائمة الى انقضاء الدهر. GC 159.1