وقد اجاب لوثر على ملامات اعدائه الذين عيروه بضعف دعوته قائلا: ”من يدري ما اذا كان الله قد اختارني ودعاني وما اذا كان على اعدائي أن يخافوا لئلا باحتقارهم اياي يحتقرون الله نفسه ؟ لقد كان موسى وحيدا عندما رحل عن مصر، وايليا كان وحيدا في اثناء حكم الملك اخآب، وأشعياء كان وحيدا في اورشليم، وكذلك كان حزقيال وحيدا في بابل ... ان الله لم يختر ابدا رئيس كهنة أو اي شخص عظيم آخر ليكون نبيا ولكنه ع ادة يختار الوضعاء والمحتقرين، فقد اختار عاموس راعي الغنم ليكون نبيا.وفي كل عصر كان القديسون يوبخون الملوك العظام والامراء والكهنة والحكماء مخاطرين في ذلك بحياتهم ... انا لا اقول عن نفسي انني نبي، ولكني اقول انهم يجب أن يخافوا لاني انا واحد وهم كثيرون. وانا متيقن من هذا: ان كلمة الله معي وليست معهم“ (٧٧). GC 157.3
لكنّ لوثر لم يقرر أن ينفصل نهائيا عن الكنيسة الا بعدما قام في نفسه صراع رهيب . وفي نحو هذا الوقت كتب يقول: ”اني اشعر شعورا متزايدا بمقدار صعوبة طرح الوساوس والشكوك، التي لُقنتها منذ الطفولة، بعيد ا مني . ما اكثر ما تألمت لذلك، مع أن الكتاب المقدس هو في جانبي لتبرير وقوفي وحيدا ضد البابا واعتباري اياه المسيح الدجال، وما أعظم المحن التي اجتاز فيها قلبي ! وكم مرة سألت نفسي بمرارة ذلك السؤال الذي طالما نطق به البابويون: ”هل قصرت الحكمة على نفسك، وهل الجم يع مخطئون ما عداك؟ وكيف تكون الحال لو أنك بعد كل هذا كنت أنت المخطئ وأنت الذي قد ورطت نفوسا كثيرة في ضلالتك، وبسببك ستهلك تلك النفوس هلاكاً أبدياً؟“ هكذا تحاربت مع نفسي ومع الشيطان الى أن حصنني المسيح نفسه بكلمته المنزهة عن الخطأ، حصّن قلبي ضد هذه الشكوك“ (٧٨). GC 158.1