“لَما جاءَ ملْءُ الزمانِ”. لقد وجهت العناية تحركات الأمم وتيار البواعث والمؤثرات البشرية إلى أن صار العالم مهيأ لمجيء المخلص . لقد توحدت الأمم تحت حكومة واحدة ، ولغة واحدة كانت مستعمله على نطاق واسع ، وكانت في كل مكان تعتبر لغة العلم . ومن كل البلدان كان اليهود الذين في الشتات يجيئون إلى أورشليم للاحتفاء بأعيادهم السنوية . وعندما كانوا يعودون إلى أرض غربتهم أمكنهم أن ينشروا في كل أنحاء العالم أنباء مجيء مسيا ML 30.1
وفي ذلك الحين بدأت الأنظمة والعبادات الوثنية تفقد السيطرة على الناس الذين قد سئموا التمثيل والخرافات ، وكانوا يتوقون إلى ديانة تشبع القلب. وحين بدا كأن الحق قد رحل عن الناس كانت هنالك نفوس تنتظر مجيء النور وقد شملتها الحيرة والحزن . كانت متعطشة إلى معرفة الإله الحي وإلى يقين الحياة بعد الموت ML 30.2
وعندما انحرف اليهود عن الله بدأ الإيمان يضعف ، وكاد الرجاء لا يضيء ظلمات المستقبل ، وما عاد الناس يفقهون أقوال الأنبياء ، وأمسى الموت في نظر عامة الشعب سرا مخيفا. أما ما وراء القبر فكان مكتنفا بالشكوك والظلام: فلم يكن فقط عويل الأمهات في بيت لحم وحدها ، ولكن الصرخة ارتفعت من قلب البشرية العظيم ووصلت إلى النبي عبر الأجيال — “صوتٌ سمع في الرامة ، نَوحٌ وَبكاءٌ وَعوِيلٌ كَثير . رَاحيلُ تَبكي على أَوْلادِها ولا تُرِيد أَنْ تَتعزى ، لأَنَّهم لَيسوا بِموجودِين” (متى 2 : 18). لقد جلس الناس “في كُورَةِ اْلموتِ : وَظلالِه” لا يجدون عزاء . وبعيون مشتاقة جعلوا يتطلعون مترقبين مجيء المنقذ الآتي ، عندما ينقشع الظلام وتنكشف أسرار المستقبل ML 30.3