عبثا انتظر هيرودس التحلل من قسمه فأمر أخيرا بقتل النبي وهو كاره. وسرعان ما جيء برأس يوحنا أمام الملك ومدعويه . فتانك الشفتان اللتان حذرتا الملك من حياة الخطية التي كان يعيشها أبكمتا إلى الأبد . ولم يعد ذلك الصوت يدعو الناس للتوبة . إن سكر وعربدة ليلة واحدة كان فيها القضاء على حياة نبي من أعظم الأنبياء. ML 201.2
كم مرة ضحي بحياة الأبرياء بسبب إفراط أولئك الذين كان ينبغي أن يكونوا حراسا للعدالة! إن من يجرع المسكر يوقع نفسه تحت مسؤولية كل المظالم التي قد يوقعها على الأبرياء ويرتكبها تحت تأثير الخمر التي تسلب الألباب . فإذ تتخدر حواس الإنسان يغدو من المستحيل عليه أن يحكم بهدوء أو أن يكون عنده إدراك صحيح للتمييز بين الخطأ والصواب . إنه يفسح المجال للشيطان ليعمل بواسطته على إيقاع الظلم والقتل بالأبرياء: “الخمر مستهزئة. المسكر عجاج، ومن يترنّح بهما فليس بحكيم” (أمثال 20 : 1). وهكذا يرتد الحق إلى الوراء والعدل يقف بعيدا والحائد عن الشر يسَلب (إشعياء 59: 14 و 15). إن من لهم حق التحكم في أرواح بني جنسهم متى استسلموا للخمر فلا بد من أن يحكم عليهم بأنهم مجرمون . فعلى من ينفذون القانون أن يكونوا حماة له . ينبغي لهم أن يكونوا رجالا أعفاء ضابطين لأنفسهم ، وليكن لهم السلطان الكامل على قواهم الجسدية والعقلية والأدبية حتى ينشط فيهم الذكاء والإحساس الرفيع بالعدالة. ML 201.3
أخذ رأس يوحنا المعمدان إلى هيروديا التي استقبلته بارتياح شيطاني. وسرت بانتقامها وكانت تخدع نفسها بالقول أن ضمير هيرودس لن يعود يزعجه . ولكنها لم تحصل على السعادة بعد ارتكاب تلك الخطية . لقد صار اسمها مسبة عار وصارت مكروهة . أما هيرودس فقد مزقته آلام الحزن والندامة أكثر مما كانت تؤرقه توبيخات المعمدان . إن تأثير تعاليم يوحنا لم يخمد بل كان سيمتد إلى كل الأجيال وإلى انقضاء الدهر. ML 202.1