وقد كانت بين اليهود نفوس ثابتة من نسل تلك السلالة المقدسة التي عن طريقها حفظت معرفة الله. هؤلاء الناس ظلوا ينتظرون رجاء الوعد المقدم للآباء . وقد تشدد إيمانهم لدى تأملهم في الوعد المعطى لموسى وهو القائل: “إن نبياً سيقيم لكم الرب إلهكم من إخوتكم. له تسمعون في كل ما يكلّمكم به” (أعمال 3 : 22). كما أنهم قرأو أيضاً ما تذكره نبوة إشعياء عن المسيح: “روح السيد الرب علي، لأن الرب مسحني لأبشر المساكين، أرسلني لأعصب منكسري القلب، لأنادي المسبيين بالعتق .. لأنادي بسنة مقبولة للرب” (إشعياء 61 : 1، 2). كما قرأوا ما قيل عنه أنه لا يكل “حتى يضع الحق في الأرض” وكيف أن الجزائر “تنتظر ... شريعته” والأمم “تسير الأمم في نورك، والملوك في ضياء إشراقك” (إشعياء 42 : 2 ؛ 60 : 3). ML 31.3
كما أن الأقوال التي نطق بها يعقوب قبلما أسلم روحه ملأتهم رجاء إذ قال: “ لا يزولُ قَضيب من يهوذَا وَمشَترعٌ من بينِ رِجَليه حتَّى يأْتي شيُلونُ وَله يكُونُ خُضوعُ شُعوبٍ” (تكوين 49: 10). إن اضمحلال سلطان إسرائيل شهد بأن مجيء مسيا صار قريبا جدا . لقد صورت نبوءة دانيال مجد ملكه في مملكة تجيء بعد كل ممالك الأرض ، وقد قال ذلك النبي: “هي تَثبتُ إِلى الأَبد” (دانيال 2 : 44). ومع أن قليلين قد فهموا طبيعة رسالة المسيح فقد كان أكثرهم ينتظرون مجيء ملك يثبت ملكوته في إسرائيل ويأتي مخلصا للأمم . ML 32.1
لقد جاء ملء الزمان. فالبشرية وقد ازداد انحطاطها بسبب انغماسها في الخطية مدى الأجيال استدعت مجيء الفادي . وكان الشيطان يعمل جاهدا لتوسيع الهوة الحادثة بين الأرض والسماء بحيث لا يمكن عبورها ، فبأكاذيبه جرأ الناس على ارتكاب الخطية ، كما كان يقصد أن ينهك صبر الله ويطفئ نار محبته للإنسان فيترك العالم لسلطان الشيطان. ML 32.2