من بين كل الأمراض المعروفة في الشرق كان البرص أشدها رعبا. فإذ كان مرضا معدياً ولا شفاء منه ، وبسبب آثاره المرعبة في ضحاياه ، كان أشجع الرجال يرتعدون فزعا منه . وكان اليهود يعتبرونه دينونة من الله على خطية . ولذلك كانوا يسمونه “الضربة” ، “إصبع الله”. إذ كان ذلك المرض متأصلا في جسم المصاب ولا يمكن استئصاله كان الناس ينظرون إليه على أنه رمز للخطية . وبموجب الشريعة الطقسية كان يحكم على الأبرص بأنه نجس ، وكذلك يحكم بطرده من بين الناس كمن قد مات . وكل ما يلمسه الأبرص كان يتنجس ، بل حتى الهواء يتلوث من أنفاسه . ومن يشتبه فيه بأنه مصاب بهذا المرض كان عليه أن يعرض نفسه على الكاهن الذي وجب عليه أن يفحصه ويحكم في أمره .فمتى حكم عليه أنه أبرص يفصل عن عائلته بعيدا أو يقطع من جماعة إسرائيل ويقضى عليه بألا يعاشر إلا من كانوا مصابين بمثل إصابته . إن الناموس لم يكن يتسامح ولا يلين في مطاليبه بهذا الشأن . حتى الملوك والرؤساء لم يعفوا من تلك الأحكام. فالملك المصاب بهذا المرض المخيف كان يلتزم بأن يسلم قضيب الملك لأخر وينفى بعيدا عن الناس. ML 236.1
فكان على الأبرص أن يتحمل لعنة مرضه بعيدا عن أصدقائه وأقربائه. وكان مجبرا على أن يعلن عن مصيبته بكونه يمزق ثيابه ويحذر الكل لكي يهربوا من عدواه . إن الصرخة التي كانت تصدر عن الأبرص قائلة “نجس . نجس” بنغمة حزينة باكية من المنفي الموحود كانت كفيلة بأن تملأ قلوب سامعيها بالخوف والاشمئزاز. ML 236.2