وفي الإقليم الذي خدم فيه المسيح كان يوجد كثيرون من البرص ، وقد وصلتهم أنباء عمله فأشرقت في قلوبهم أنوار الرجاء. ولكن منذ أيام أليشع النبي لم يسمع أن إنسانا أبرص قد طهر من برصه . ولم يجرؤ أولئك البرص على أن ينتظروا من يسوع أن يجري فيهم تلك المعجزة التي لم يجرها لأحد قط . ومع ذلك فقد وجد إنسان واحد بدأ الإيمان ينتعش في قلبه ، ومع ذلك فإن هذا الرجل لم يكن يعلم كيف يصل إلى يسوع .وكيف يتقدم إلى ذلك الشافي ما دام محرما عليه الاختلاط ببني جنسه . فتساءل ذلك المريض ما إذا كان يسوع يرضى بأن يشفيه ، وهل يتنازل السيد ليلاحظ ذاك الذي كان الناس يعتقدون أنه يتألم تحت دينونة الله؟ ألا يلعنه كالفريسيين ، أو حتى كالأطباء وينذره بالهرب بعيدا عن مساكن الأصحاء؟ لقد فكر الرجل في كل ما قيل له عن يسوع بأنه لم يطرد أي إنسان أتاه يطلب منه العون ، لذلك عزم ذلك الإنسان التعس على أن يجد المخلص . ومع أنه كان منفيا بعيدا عن المدن فربما يلاقي ذلك السيد الرحيم في طريق منقطع غير مطروق في المسالك الجبلية ، أو قد يجده وهو يعلم خارج المدن . لقد كانت الصعوبات عظيمة أمامه ولكن هذا كان رجاءه الوحيد. ML 237.1
ثم أرشد الأبرص إلى المخلص. وها يسوع يعلم عند البحيرة وقد تجمهر الناس حوله . وقف الأبرص من بعيد وإذناه تلتقطان قليلا من أقوال المخلص . ثم ها هو يراه يضع يديه على المرضى ، وها هو يرى العرج والمفلوجين والموشكين على الموت من أمراضهم المختلفة ، رأى أولئك جميعا ينهضون في ملء الصحة وهم يسبحون الله على شفائهم . فيتشدد الإيمان في قلبه ، ثم يقترب من ذلك الجمع أكثر فأكثر ، ناسيا ، إلى حين ، القيود المفروضة عليه وسلامة الشعب والخوف الذي ينظر به الناس إليه ، ولا يفكر في غير الرجاء المبارك رجاء الشفاء. ML 237.2
إن منظره كريه ، فلقد هجم عليه المرض هجوما عنيفا بحيث صار منظر جسمه متآكلا مرعبا. فإذ رآه الناس تراجعوا في ذعر، ها هم يزحمون بعضهم بعضا للهرب من عدواه، وعبثا يحاول بعض منهم أن يحولوا بين الرجل والاقتراب من يسوع . إنه لا يراهم ولا يسمعهم . وعبارات الاشمئزاز التي يسمعها منهم لا تؤثر فيه . فهو لا يرى غير ابن الله ، ولا يسمع غير الصوت الذي يمنح للموتى الحياة. وإذ يدنو من يسوع يجثو عند قدميه ويصرخ قائلا: “يا سيد، إن أردت تقدر أن تطهّرني” (متى 8 : 2). ML 237.3