بعدما صرف الجموع أخذوه “ كما كان” في السفينة وأقلعوا بسرعة. ولكنهم لم يمضوا وحدهم فقد كانت توجد قوارب صيد أخرى على الشاطئ سرعان ما امتلأت بالناس الذين تبعوا يسوع لأنهم كانوا لا يزالون مشتاقين لرؤيته وسماع تعاليمه. ML 311.1
أخيرا استطاع المخلص أن يستريح من ضغط الجموع عليه ، وإذ غلبه الإرهاق والجوع اضطجع في مؤخر السفينة وسرعان ما غلبه النوم. كان ذلك المساء هادئا وجميلا ، والسكون يخيم على البحيرة . ولكن فجأة اظلم الجو وهبت الرياح من أعالي الجبال على الشاطئ الشرقي فثارت على البحيرة عاصفة هوجاء. ML 311.2
كانت الشمس قد غابت فشمل الظلام تلك البحيرة المائجة وإذا بالأمواج تندفع بقوة وتصدم بعنف وقوة جوانب سفينة التلاميذ وتهددها بالإغراق في الماء. كان هؤلاء الصيادون الشجعان قد قضوا حياتهم في البحيرة ، وكانوا يسيرون بسفينتهم بسلام في وسط عواصف شديدة كثيرة . أما الآن فإن قوتهم ومهارتهم لم تجدياهم فتيلا . فكانوا عاجزين وهم في قبضة العاصفة وقد خذلهم الأمل عندما رأوا سفينتهم تكاد تمتلئ بالماء. ML 311.3
وإذ كانوا منهمكين في محاولتهم لإنقاذ أنفسهم نسوا أن يسوع كان على ظهر السفينة .أما الآن فإذ رأوا أن كل محاولاتهم إنما هي إلى العبث ، وليس أمامهم سوى الموت تذكروا بأمر من قد بدأوا في عبور البحر. كان رجاؤهم الوحيد في يسوع . ففي عجزهم ويأسهم صرخوا قائلين: “يا معلم . يا معلم!” ولكن الظلمة الحالكة حجبته عن أنظارهم . وقد ابتلعت صرخاتهم في وسط زئير العاصفة فلم يكن مجيب . وقد هاجمتهم الشكوك والمخاوف . فهل هجرهم يسوع أو تخلى عنهم؟ وهل ذاك الذي قهر الأمراض والشياطين وحتى الموت يعجز الآن عن تقديم العون لتلاميذه؟ وهل يغفل عنهم في ضيقهم؟ ML 311.4
عادوا يصرخون مرة أخرى فلم يجبهم غير زئير ذلك النوء الغاضب. وها قد بدأت سفينتهم في الغرق . ولقد بدأ وكأنهم بعد لحظة ستبتلعهم المياه الفاغرة أفواها. ML 311.5