وبالقرب من بيت صيدا وفي نهاية البحيرة من الشمال كان إقليم خلاء. وكان في ذلك الوقت مزدانا بخضرة الربيع اليانعة فصار معتكفا مناسبا ليسوع وتلاميذه . فانطلقوا إلى ذلك المكان وركبوا سفينته ليعبروا البحيرة . ففي ذلك المكان سيكونون بعيدين عن الطريق العام وعن ضجة المدن وضوضائها المثيرة ، كما كانت مناظر الطبيعة في ذاتها مصدر راحة لهم . فتغيير المناظر يبهج الحواس . وفي هذا المكان كان يمكنهم أن يص غوا إلى أقوال يسوع دون أن يقاطعهم أحد أو يسمعوا الكلام القاسي أو رد الإهانات والاتهامات من أفواه الكتبة والفريسيين . هنا يمكنهم أن يتمتعوا بفرصة ثمينة في صحبة سيدهم. ML 338.2
إن فرصة الراحة التي تمتع بها المسيح وتلاميذه لم تكن راحة استرخاء أو تكاسل ، فوقت الاختلاء ذاك لم يكرسوه للملذات السارة ولكنهم تحادثوا عن عمل الله وإمكانية الحصول على كفاءات أعظم للعمل. كان التلاميذ مع المسيح ولذلك أمكنهم أن يفهموه ، ولم تكن ثمة حاجة لأن يكلمهم بأمثال ، فصحح أخطاءهم وأوضح لهم الطريق الصائب للاقتراب من الشعب ، وكشف لهم عن كنوز الحق الإلهي الغنية بأكثر وضوح ، فانتعشوا ونالوا حياة بقوة الله وألهموا بالرجاء والشجاعة. ML 338.3
ومع أن يسوع كان يستطيع أن يجري المعجزات وقد زود تلاميذه بنفس تلك القوة فقد أشار على خدامه المتعبين أولئك أن يمضوا إلى موضع خلاء ليستريحوا. وحين قال لهم أن الحصاد كثير والفعلة قليلون لم يلزم تلاميذه بضرورة العمل في الخدمة بدون توقف بل قال لهم: “اطلبوا من رب الحصاد أن يرسل فعله إلى حصاده” (متى 9 : 38). لقد عين الله لكل إنسان عمله حسب إمكانياته (أفسس 4 : 11 — 13). وهو لا يريد أن تضطلع جماعة قليلة بمسئوليات جسام في حين أن الآخرين لا يحملون أثقالا ولا يتمخضون لتولد نفوس. ML 339.1