إن يسوع قد أشار بقوله: “ ويكون الجميع متعلمين من الله” إلى نبوءة إشعياء القائلة: “وكل بنيك تلاميذ الرب، وسلام بنيّك كثيراً” (إشعياء 45 : 13). وقد طبق اليهود هذه النبوة على أنفسهم وكانوا يفتخرون بأن الله هو معلمهم . ولكن يسوع أبان لهم بطلان هذا الادعاء إذ قال: “فكل من سمع من الآب وتعلّم فيقبل إليّ”. فعن طريق المسيح وحده كان يمكنهم أن يأخذوا العلم و المعرفة عن الآب . إن الطبيعة البشرية لا يمكنها احتمال رؤية مجده . فأولئك الذين قد تعلموا من الله كانوا يصغون إلى صوت ابنه ، وفي يسوع الناصري عرفوا ذاك الذي في الطبيعة والوحي قد أعلن الله الآب. ML 362.1
“ الحق الحق أقول لكم: من يؤمن بي فله حياة أبدية” (يوحنا 6: 17). إن يوحنا الحبيب الذي كان قد سمع هذه الأقوال استخدمه الروح القدس في تقديم الإعلان التالي للكنائس: “وهذه هي الشهادة: أن الله أعطانا حياة أبدية، وهذه الحياة هي في ابنه. من له الابن فله الحياة، ومن ليس له ابن الله فليست له الحياة” (1 يوحنا 5 : 11، 12). وقال يسوع: “وأنا أقيمه في اليوم الأخير”. لقد صار المسيح جسداً واحداً معنا لنصير نحن معه روحاً واحداً . إننا بقوة هذا الاتحاد سنقوم من قبورنا- ليس فقط لمجرد إظهار قدرة المسيح ، بل لأن حياته صارت حياتنا بالإيمان . إن من يرون المسيح في صفته الحقيقية ويقبلونه في قلوبهم لهم حياة أبدية . إن المسيح يسكن فينا بالروح القدس ، وإذ نقبل روح الله بالإيمان في قلوبنا يكون ذلك بداءة الحياة الأبدية. ML 362.2
كان الشعب قد وجهوا انتباه المسيح إلى المن الذي أكله آباؤهم في البرية ، كما لو أن إمدادهم بذلك الخبز كان معجزة أعظم من المعجزة التي أجراها يسوع ، ولكنه أبان لهم تفاهة تلك العطية بالمقارنة بالبركات التي قد أتى ليمنحها للعالم. فقد أمكن أن يسند المن حياتهم الأرضية فقط ، ولكنه لم يستطع أن يصد عنهم الموت أو يضمن لهم الخلود ، أما خبز السماء فيمكنه أن ينعش النفس حتى تتمتع بالحياة الأبدية . قال لهم المخلص: “أنا هو خبز الحياة. أباؤكم أكلوا المن في البرية وماتوا. هذا هو الخبز النازل من السماء، لكي يأكل منه الإنسان ولا يموت. أنا هو الخبز الحي الذي نزل من السماء. إن أكل أحد من هذا الخبز يحيا إلى الأبد” (يوحنا 6 : 48 — 51). ثم أضاف المسيح إلى هذه الاستعارة استعارة أخرى ، فعن طريق الموت دون سواه كان يمكنه أن يمنح الحياة للناس. وفي الكلمات التالية أشار إلى موته كوسيلة للخلاص إذ يقول: “والخبز الذي أنا أعطي هو جسدي الذي أبذله من أجل حياة العالم” (يوحنا 6 : 51). ML 362.3