“ثم خرج أيضاً من تخوم صور وصيداء، وجاء إلى بحر الجليل في وسط حدود المدن العشر” (مرقس 7 : 31). ML 381.1
في منطقة المدن العشر كان المجنونان اللذان من جرجسة قد شفيا. وفي تلك المدينة فزع الناس عندما غرقت الخنازير وطلبوا من يسوع أن ينصرف عن تخومهم . ولكنهم أصغوا إلى ما قاله لهم ذانك الرسولان اللذان تركهما السيد هناك . فكان الناس يرغبون أن يروه . فلما عاد إلى ذلك الإقليم اجتمع حوله جمهور من الناس . وقد أتى إليه برجل أصم أعقد . ولم يشف يسوع ذلك الرجل في الحال بكلمة كما هي عادته ، بل أخذه من بين الجمع على ناحية ووضع أصابعه في أذنيه ولمس لسانه وإذ رفع نظره نحو السماء تنهد عندما ذكر الآذان التي ترفض أن تنفتح للحق والألسنة التي ترفض الاعتراف بالفادي فإذ قال له: “انفتح” تكلم الرجل مستقيما . وإذ تغاضى عن أمر المسيح له بألا يقول لأحد أذاع الرجل قصة شفائه في كل مكان. ML 381.2
ثم صعد يسوع إلى جبل فجاءت إليه جموع كثيرة وأحضروا إليه المرضى والعمي والخرس والشل وطرحوهم عند قدميه فشفاهم كلهم حتى أن الناس مع أنهم وثنيون مجدوا إله العبرانيين. وقد ظلوا متجمهرين حوله ثلاثة أيام ، فكانوا في الليل ينامون في العراء ، وفي النهار يزدحمون حوله بكل شوق ليسمعوا كلامه ويروا آياته . وفي نهاية الثلاثة الأيام نفد ما كان معهم من الخبز . لم يرد يسوع أن يصرفهم صائمين فطلب من تلاميذه أن يقدموا لهم خبزا . ومرة أخرى برهن التلاميذ على عدم إيمانهم . لقد رأوا في بيت صيدا كيف أن القليل من الزاد كان كافيا ببركة المسيح لإشباع الجمع الغفير . ولكنهم في هذه المرة لم يقدموا للمسيح كل ما كان معهم واثقين بقدرته على أن يباركه فيكفي لإشباع الجموع الجائعة . زد على ذلك فإن من قد أشبعهم في بيت صيدا كانوا يهودا ، أما هؤلاء فكانوا أمما ووثنيين . وكان التعصب اليهودي لا يزال متمكنا من قلوب التلاميذ فأجابوا يسوع قائلين: “من أين يستطيع أحد أن يشبع هؤلاء خبزاً هنا في البرية؟” (مرقس 8 : 4). لكنهم إطاعة لكلمته أحضروا إليه ما كان عندهم-سبعة أرغفة وسمكتين . فأكل الجميع وشبعوا . ثم رفعوا فضلات الكسر سبعة سلال . شبع أربعة آلاف رجل ما عدا النساء والأولاد . ثم صرفهم يسوع فعادوا إلى ديارهم فرحين شاكرين. ML 381.3