إن كل معجزة أجراها المسيح كانت آية تشهد لألوهيته. لقد كان يعمل نفس العمل الذي قد أنبئ به عن مسيا . ولكن أعمال الرحمة هذه كانت في نظر الفريسيين إساءة مباشرة إليهم . كان رؤساء اليهود ينظرون إلى آلام الناس بفتور وعدم مبالاة . وفي كثير من الحالات كانت أنانيتهم وظلمهم سببا في تلك الآلام التي شفاها المسيح . وهكذا كانت عجائبه توبيخا لهم. ML 383.2
إن ما دعا اليهود لرفض المخلص كان من أنصع الأدلة على صفته الإلهية. وإن ما جعل لمعجزاته تلك الأهمية العظيمة هو حقيقة كونها صنعت لخير الإنسانية . وأعظم برهان على كونه مرسلا من قبل الله هو أن حياته أعلنت صفات الله . لقد نطق بكلام الله وعمل أعماله . فمثل هذه الحياة هي معجزة المعجزات. ML 383.3
عندما تقدم رسالة الحق للناس في هذه الأيام فهنالك كثيرون يطلبون آية كاليهود. اصنعوا أمامنا معجزة- هكذا يقولون . ولكن المسيح لم يصنع معجزة تلبية لطلب الفريسيين ، وهو لم يصنع معجزة في البرية نزولا على تحريضات الشيطان . إنه لا يعطينا قوة لتزكية أنفسنا أو إرضاء لعدم الإيمان والكبرياء . ولكن الإنجيل ليس عاريا عن آيات تبرهن على أنه من الله . أليست معجزة عظيمة كوننا نتحرر من عبودية الشيطان ؟ إن العداوة للشيطان ليست أمرا طبيعيا في القلب البشري . ولكن نعمة الله هي التي تغرسها فيه . فعندما نرى إنسانا تحت سيطرة إرادته المتمردة العنيدة ثم يتحرر مسلما نفسه بجملتها لجاذبية العوامل الإلهية السماوية - فقد أجريت في حياته معجزة . وكذلك الحال عندما يكون الإنسان واقعا تحت تأثير خداع قوي وبعد ذلك يدرك الحق الأدبي . ففي كل مرة تهتدي نفس إلى الله وتتعلم أن تحبه وتحفظ وصاياه يتم لها وعد الله القائل: “وأعطيكم فلباً جديداً، وأجعل روحاً جديدة في داخلكم” (حزقيال 36 : 26). فالتغيير الذي يتم في القلب البشري والتبدل الذي يحدث في أخلاق الناس هو معجزة تعلن عن وجود مخلص حي إلى الأبد يعمل على خلاص النفوس . والحياة الثابتة في المسيح هي أيضا معجزة عظيمة .وفي الكرازة بكلمة الله تكون الآية التي ينبغي ظهورها في كل وقت هي حضور الروح القدس ليجعل قوة مجددة للسامعين . هذه هي شهادة الله أمام العالم على رسالة ابنه الإلهية. ML 384.1
إن أولئك الذين طلبوا من يسوع آية كانوا قد قسوا قلوبهم في عدم إيمان بحيث لم يدركوا أوجه الشبه بين صفاته وصفات الله. ولم يريدوا الاقتناع بأن رسالته هي إتمام للكتب المقدسة . وفي مثل الغني ولعازر قال يسوع للفريسيين: “إن كانوا لا يسمعون من موسى والأنبياء، ولا إن قام واحد من الأموات يصدّقون” (لوقا 16 : 31). وما كان يمكنهم أن يستفيدوا لو أجريت آية في السماء أو على الأرض. ML 384.2