مثل هذه المؤثرات تعمل عملها في هذه الأيام عن طريق أولئك الذين يحاولون أن يفسروا شريعة الله بحيث تتفق مع أعمالهم. هذه الفئة من الناس لا يهاجمون الشريعة علانية ولكنهم يقدمون تعاليم نظرية تقوض مبادئ الشريعة . فهم يفسرون الشريعة بكيفية تلاشي قوتها. ML 386.1
إن نفاق الفريسيين كان ثمرة طلبهم ما لأنفسهم. لقد كان هدف حياتهم هو تمجيد أنفسهم. وهذا ما دفعهم إلى إفساد الكتاب المقدس وتطبيقه تطبيقا خاطئا . وأعماهم عن اكتشاف غرض رسالة المسيح . كان التلاميذ أنفسهم في خطر الوقوع في حبائل هذا الشر الماكر . والذين حسبوا أنفسهم ضمن اتباع يسوع ولكنهم لم يتركوا كل شيء لكي يصيروا له تلاميذ تأثروا إلى حد كبير بمماحكات الفريسيين . وفي أحيان كثيرة كانوا يتأرجحون بين الإيمان وعدم الإيمان ، ولم يميزوا أو يكتشفوا كنوز الحكمة المذخرة في المسيح . وحتى التلاميذ ، مع أنهم في الظاهر تركوا كل شيء لأجل يسوع فإنهم في قلوبهم لم يكفُّوا عن طلب أشياء عظيمة لأنفسهم . وهذا ما أثار بينهم المشاجرة في من منهم هو الأعظم . وهذا ما حال بينهم وبين المسيح إذ جعلهم غير جادين في تأييد رسالة انكار الذات التي قد علم بها ، ومتباطئين جدا في فهم سر الفداء . وكما أن الخميرة لو تركت لتعمل عملها ستتلف وتفسد فكذلك روح الأنانية وطلب ما للذات لو أبقي عليها في القلب فهي تنجس النفس وتهلكها. ML 386.2
وكما في أيام القدم ، ما أسرع انتشار هذه الخطية الخادعة الماكرة بين أتباع الرب في هذه الأيام! وكم من المرات تشوه خدمتنا للمسيح وشركتنا مع بعضنا البعض بالرغبة الخفية في تعظيم الذات ! وما أسرع أن تقفز إلى عقولنا فكرة مديح النفس وطلب استحسان الناس ! إن حب الذات والرغبة في انتهاج طريق أسهل مما قد رسمه الله هو الذي يجعلنا نبذل الوصايا الإلهية بأفكار الناس ومبادئهم وتقاليدهم . إن المسيح يوجه هذا الإنذار إلى تلاميذه حين يقول: “انظروا، وتحرّزوا من خمير الفريسيين”. ML 386.3
إن ديانة المسيح هي الإخلاص مجسما. والغيرة على مجد الله هي الباعث الذي يغرسه الروح القدس في النفس ، وليس غير قوة الروح الفعالة تستطيع أن تغرس في القلب هذا الباعث المقدس . إن قوة الله دون سواها هي التي تستطيع أن تطرد طلب ما للذات والرياء. وهذا التغيير هو آية عمله . فإذا كان الإيمان الذي نقبله يلاشي الأثرة والتظاهر ويقودنا إلى طلب مجد الله لا مجد أنفسنا نعلم أنه إيمان حقيقي صحيح . لقد كانت الطلبة الرئيسية في حياة المسيح هي هذه: “أيها الآب مجّد اسمك!” (يوحنا 12 : 28). وإذا كنا نسير في إثر خطواته فستكون هذه الطلبة هي لغة قلوبنا على الدوام . فنسلك “كما سلك”، “وبهذا نعرف أننا قد عرفناه: إن حفظنا وصاياه” (1 يوحنا 2 : 6 و 3). ML 387.1