واستطرد يسوع قائلا: “وأنا أقول لك أيضاً: أنت بطرس، وعلى هذه الصخرة أبني كنيستي، وأبواب الجحيم لن تقوى عليها” (متى 16 : 18). إن كلمة “بطرس” معناها حجر — حجر متدحرج. إن بطرس لم يكن هو الصخرة التي بنيت عليها الكنيسة ، فإن أبواب الجحيم قويت عليه عندما أنكر سيده باللعن والحلف . ولكن الكنيسة بنيت على ذاك الذي لم تستطع أبواب الجحيم أن تقوى عليه. ML 391.1
قبل مجيء المخلص بعدة قرون أشار موسى إلى صخر خلاص إسرائيل. وقد تغنى صاحب المزامير عن “صخرة قوتي” كما كتب إشعياء يقول: “هكذا يقول السيد الرب: هأنذا أؤسس في صهيون حجراً، حجر امتحان، حجر زاوية كريمة، أساساً مؤسساً” (تثنية 32 : 4 ؛ مزمور 62 : 7 ؛ إشعياء 28 : 16). وبطرس نفسه إذ يكتب بوحي سماوي يطبق هذه النبوة على يسوع فيقول: “إن كنتم قد ذقتم أن الرب صالح. الذي يأتون إليه، حجراً حياً مرفوضاً من الناس، ولكن مختار من الله كريم، كونوا أنتم أيضاً مبنيين — كحجارة حية — بيناً روحياً” (1 بطرس 2 : 3 — 5). ML 391.2
“فإنه لا يستطيع أحد أن يضع أساساً آخر غير الذي وضع، الذي هو يسوع المسيح” (1 كورنثوس 3 : 11). قال يسوع: “على هذه الصخرة أبني كنيستي”. ففي محضر الله وكل أجناد السماء وفي محضر جيش الجحيم غير المنظور بنى المسيح كنيسته على الصخرة الحية . وتلك الصخرة كانت المسيح ذاته ،- جسده المكسور والمسحوق من أجلنا . إن الكنيسة المبنية على هذا الأساس لن تقوى عليها أبواب الجحيم. ML 391.3
ولكن كم كانت الكنيسة تبدو ضعيفة وواهنة القوى عندما نطق المسيح بهذا الكلام. فلم يكن هناك غير حفنة من المؤمنين الذين اصطفت ضدهم كل قوة الشيطان والناس الأشرار. ولكن أتباع المسيح لم يكن لهم أن يخافوا . فإذ كانوا مبنيين على صخرة خلاصهم لم يمكن أن ينقلبوا. ML 391.4
طوال ستة آلاف سنة بني الإيمان على المسيح ، وطوال ستة آلاف سنة كانت سيول وعواصف الشيطان الحانق الغاضب تصدم صخرة خلاصنا ولكنها ظلت راسخة لا تتزعزع. ML 391.5
إن بطرس قد نطق بالحق الذي هو أساس إيمان الكنيسة ، وها يسوع يكرمه الآن على أنه نائب عن جماهير المؤمنين فيقول له: “ وأعطيك مفاتيح ملكوت السموات، فكل ما تربطه على الأرض يكون مربوطاً في السموات. وكل ما تحلّه على الأرض يكون محلولاً في السموات” (متى 16 : 19). ML 392.1
إن “مفاتيح ملكوت السموات” هي كلام المسيح . فكل كلام الكتاب المقدس هو كلامه وهو متضمن هنا . فهذا الكلام له السلطان على أن يفتح السماء أو يغلقها ، وهو يعلن شروط قبول الإنسان أو رفضه . وهكذا نجد أن عمل من يكرزون بكلمة الله إما أن يكون رائحة حياه لحياة أو رائحة موت لموت . فعملهم ورسالتهم هي رسالة لها خطورتها إذ عليها تتوقف نتائج أبدية. ML 392.2