كان بطرس يعبر عن إيمان الاثني عشر ، ومع ذلك فان التلاميذ كانوا لا يزالون بعيدين عن فهم مهمة المسيح. إن مقاومة الكهنة والرؤساء وتمويهاتهم وإن تكن لم تجعلهم يرتدون عن المسيح فقد أوقعتهم في حيرة وارتباك شديدين . لم يكونوا يرون الطريق واضحة أمامهم . إن تأثير تربيتهم الأولى وتعاليم معلمي إسرائيل وسلطان التقاليد- كل ذلك حال بينهم وبين رؤية الحق . ومع أن أشعة ثمينة كانت تسطع عليهم بين حين وآخر ، فإنهم كثيرا ما كانوا يشبهون قوما يتلمسون طريقهم في الظلام . ولكنهم في هذا اليوم قبلما وقفوا وجها لوجه أمام تجربة إيمانهم العظيمة استقر عليهم الروح القدس بقوة ، ولمدى وقت قصير تحولت أنظارهم عن “الأشياء التي ترى .. إلى التي لا ترى” (2 كورنثوس 4 : 18) وتحت رداء البشرية رأوا مجد ابن الله. ML 390.1
أجاب يسوع بطرس قائلا: “ طوبى لك يا سمعان بن يونا، إن لحماً ودماً لم يعلن لك، لكن أبي الذي في السموات” (متى 16: 17). ML 390.2
إن الحق الذي اعترف به بطرس هو أساس إيمان كل مؤمن. وهو الحق الذي أعلن المسيح نفسه أنه هو الحياة الأبدية . ولكن امتلاك هذه المعرفة ليس سببا لتمجيد الذات . إن هذا الإعلان لم يعط لبطرس لحكمة أو صلاح فيه . والبشرية في ذاتها لا يمكنها أبدا أن تبلغ إلى معرفة الأمور الإلهية . “هو أعلى من السموات، فماذا عساك أن تفعل؟ أعمق من الهاوية، فماذا تدري؟” (أيوب 11 : 8). إن روح التبني هو وحده الذي يعلن لنا أعم ا ق الله: “ما لم تر عين، ولم تسمع أذن، ولم يخطر على بال إنسان ... فأعلنه الله لنا نحن بروحه. لأن الروح يفحص كل شيء حتى أعماق الله” (1 كورنثوس 2 : 6، 10). “سر الرب لخائفيه”. وإن حقيقة كون بطرس أدرك مجد المسيح كانت برهانا على أنه من هؤلاء الذين كانوا “متعلّمين من الله” (مزمور 25 : 14 ؛ يوحنا 6 : 45). نعم بكل تأكيد: “طوبى لك يا سمعان بن بونا، إن لحماً ودماً لم يعلن لك”. ML 390.3