“إن كنت تستطيع شيئاً فتحنّن علينا وأعنّا”، ما أكثر ما تردد النفوس المثقلة بالخطايا هذه الصلاة! وهذا ما يجيب به السيد ، مشفقا ، على كل تلك الابتهالات: “إن كنت تستطيع أن تؤمن. كل شيء مستطاع للمؤمن”. إن الإيمان هو الذي يربطنا بالسماء ويمنحنا قوة بها نكافح ضد قوات الظلمة . إن الله في المسيح قد أعد الوسائل لإخضاع كل الميول الخاطئة ومقاومة كل التجارب مهما كانت قوتها . إلا أن كثيرين يعوزهم الإيمان ولذلك يظلون بعيدين عن المسيح . فلتلق هذه النفوس ذواتها على رحمة المخلص الرقيق القلب ، في عجزها وعدم استحقاقها . لا تنظروا إلى أنفسكم بل إلى المسيح . إن ذاك الذي شفى المرضى وأخرج الشياطين عندما كان يسير بين الناس هو نفس الفادي القدير اليوم . إن الإيمان يأتي بكلمة الله . إذاً تمسك بهذا الوعد: “من يقبل إليّ لا أخرجه خارجاً” (يوحنا 6 : 37). واطرح نفسك عند قدميه واصرخ قائلاً: “أؤمن يا سيد، فأعن عدم إيماني”. إنك لن تهلك أبداً إن فعلت ذلك. ML 406.1
إن تلاميذ المسيح المقربين رأوا في فترة قصيرة أرفع مجد وأدنى اتضاع . رأوا البشرية متغيرة إلى صورة الله ، كما رأوها منحطة حتى صارت شبيهة بالشيطان . فمن الجبل حيث تحدث السيد مع الرسولين السماويين وشهد له بصوت آت من المجد الأسنى بأنه ابن الله ، رأوا يسوع ينزل ليلتقي بمنظر محزن ومنفر للغاية- الولد المجنون بوجهه المشوه وهو يصر بأسنانه في نوبات ألم وتشنج ، لم يستطع أي إنسان أن يشفيه أو يغيثه منها . وإذا بالفادي القدير ، الذي منذ ساعات قليلة وقف في ملء مجده أمام تلاميذه المندهشين ، ينحني ليقيم أسير الشيطان من الأرض المتمرغ فيها . وفي أتم صحة جسدية وقوة عقلية يعيده إلى أبيه وإلى عائلته. ML 406.2
كان هذا تعليما عظيما عن الفداء- الشخص الإلهي ينحني من مجد الآب ليخلص الهالكين . ثم إن ذلك العمل مثل رسالة التلاميذ أيضاً . فحياة خدام المسيح ينبغي ألا تقضي كلها فوق الجبل مع يسوع في ساعات استنارة وبهجة ومجد ، بل بقي لهم عمل يعملونه في السهل . إن النفوس التي أسرها الشيطان تنتظر كلمة الإيمان والصلاة لتحررها. ML 407.1