فأتى بالصبي وحالما وقعت عليه عينا المخلص صرعه الشيطان فوقع على الأرض في حالة تشنج ونزاع وأخذ يتمرغ ويزبد ويملا الجو بصرخات شيطانية. ML 405.2
ومرة أخرى تقابل رئيس الحياة مع رئيس قوات الظلام في حومة القتال- فالمسيح إتماما لرسالته قال: أرسلت “لأنادي للمأسورين بالإطلاق .. وأرسل المنسحقين في الحرية” (لوقا 4 : 18). وكان الشيطان يحاول التسلط على فريسته ويبقيها تحت سيطرته . وكان ضمن من ازدحموا في ذلك المكان ليروا نتيجة ذلك الصراع وإن لم يرهم أحد ، ملائكة النور وجنود الملائكة الأشرار . ولمدى لحظة سمح يسوع للروح الشرير أن يستعرض قوته حتى يدرك المشاهدون الخلاص الذي كان مزمعا أن يصنعه. ML 405.3
كان الناس ينتظرون وقد حبسوا أنفاسهم ، وكان أبو الولد موزع القلب بين الأمل والألم. فسأله يسوع: “كم من الزمان منذ أصابه هذا؟” (مرقس 9 : 21)، فأخبره ذلك الأب بقصة سني الألم الطويلة . ثم كمن لم يعد له طاقة على الاحتمال أكثر من ذلك صرخ قائلاً: “إن كنت تستطيع شيئاً فتحنّن علينا وأعنّا” (مرقس 9 : 22). “إن كنت تستطيع” حتى في تلك الساعة كان الرجل يشك في قدرة المسيح. ML 405.4
فأجابه يسوع بقوله: “إن كنت تستطيع أن تؤمن. كل شيء مستطاع للمؤمن” (مرقس 9 : 23). إن المسيح لا تنقصه القوة ولكن شفاء ذلك الابن موقوف على إيمان أبيه . فانهمرت الدموع من عيني الأب وقد أدرك ضعفه ولكنه ألقى بنفسه على رحمة المسيح وصرخ قائلاً: “أومن يا سيّد، فأعن عدم إيماني” (مرقس 9 : 24). ML 405.5
فالتفت يسوع إلى ذلك الصبي المعذب وانتهر الروح النجس قائلا: “أيها الروح الأخرس الأصم، أنا آمرك: اخرج منه ولا تدخله أيضاً!” (مرقس 9 : 25). وهنا تسمع صرخة ويرى صراع مصحوب بالعذاب والألم . إن ذلك الشيطان وهو يخرج بدا كأنه يريد انتزاع الحياة من فريسته . وحينئذ انطرح الصبي بلا حراك وكأنه قد فارق الحياة .وهنا ينهامس الناس قائلين: “إنه مات!” (مرقس 9 : 26). ولكن يسوع يمسك بيده ويقيمه ويسلمه إلى أبيه في ملء صحة الجسد والعقل . فشكر الأب وابنه ذلك المحرر العظيم ، “فبهت الجميع من عظمة الله) (لوقا 9 : 43)، بينما انصرف الكتبة مطأطئي الرؤوس ML 405.6