وبنفس الطريقة تلقى يوسف إنذارا بأن يأخذ الصبي وأمه ويهرب إلى مصر ، وقد قال له الملاك: ” كُن هناكَ حتَّى أَقُولَ لَك . لأَنَّ هيرودُسَ مزمع أَنْ يطلُب الصبِي لِيهلكه” (متى 2 : 13). فأطاع يوسف بدون إبطاء ، وبدأوا بتلك الرحلة ليلا لضمان سلامتهم ML 51.3
لقد وجه الله التفات الأمة اليهودية إلى ميلاد ابنه بواسطة المجوس. إن أسئلتهم التي وجهوها إلى سكان أورشليم ، وإثارة اهتمام الشعب حتى حسد هيرودس الذي استرعى انتباه الكهنة ومعلمي الشعب- كل ذلك وجه انتباه الناس إلى النبوات الخاصة بمسيا ، وإلى الحادث العظيم الذي حدث حينئذ ML 52.1
لقد أصر الشيطان على أن يحجب نور الله عن العالم واستخدم كل ما في جعبته من خداع ومكر لإهلاك المخلص. ولكن ذاك الذي لا ينعس ولا ينام كان ساهرا على ابنه الحبيب . ذاك الذي كان ينزل المن من السماء ، لإعالة إسرائيل في البرية والذي أطعم إيليا وعاله في أيام الجوع أعد لمريم ويوسف والصبي يسوع ملجأ يلوذون به في بلاد وثنية . وبفضل هدايا المجوس القادمين من بلاد وثنية دبر الله لتلك العائلة كل ما يلزم لتلك الرحلة إلى مصر وإعالتها أثناء وجودها بين الغرباء ML 52.2
كان المجوس من بين الأوائل الذين رحبوا بالفادي ، وكانت هديتهم هي الأولى التي وُضعت عند قدميه. فما أعظمه امتيازا للخدمة أتيحت لأولئك المجوس بفضل تلك العطية! إن الله يسر بإكرام العطية المقدمة من قلب محب إذ يعطيها أثرها العظيم الفعال في خدمته. فإن كنا قد سلمنا قلوبنا ليسوع فسنقدم له عطايانا أيضاً . ذهبنا وفضتنا وأثمن أملاكنا الأرضية وأسمى مواهبنا العقلية والروحية- كل هذه نقدمها عن طيب خاطر لذاك الذي قد أحبنا وبذل نفسه لأجلنا. ML 52.3
وفى أورشليم كان هيرودس ينتظر عودة المجوس بصبر نافد. فلما مضى وقت طويل ولم يظهر لهم أثر ثارت شكوكه . إن نفور معلمي الشعب من تحديد مكان ميلاد مسيا بدا وكأنه يدل على أنهم قد أدركوا قصد الملك ، وأن المجوس لم يعودوا إليه عن عمد ، فهذا الفكر أغضبه إلى حد الجنون . ولئن كان المكر قد أخفق فليلجأ إلى القوة والعنف . وهو سيمثل بهذا الملك الوليد . ولابد أن يرى أولئك اليهود المتعجرفون ما الذي ينتظرونه من محاولتهم أن يجلِّسوا ملكا على العرش ML 52.4