“وفيما هو (يسوع) مجتاز رأى إنساناً أعمى منذ ولادته، فسأله تلاميذه قائلين: يا معلّم، من أخطأ: هذا أم أبواه حتى ولد أعمى؟ أجاب يسوع: لا هذا أخطأ ولا أبواه، لكن لتظهر أعمال الله فيه. ينبغي أن أعمل أعمال الذي أرسلني ما دام نهار. يأتي ليل حين لا يستطيع أحد أن يعمل. ما دمت في العالم فأنا نور العالم. قال هذا وتفل على الأرض وصنع من التفل طيناً وطلى بالطيم عيني الأعمى. وقال له: اذهب اغتسل في بركة سلوام. الذي تفسيره: مرسل، فمضى واغتسل وأتى بصيراً” (يوحنا 9 : 1 — 7). ML 446.2
كان هنالك اعتقاد سائد بين اليهود أن الخطية تعاقب في هذه الحياة . فكل تجربة أو بلية كانت تعتبر قصاصا لعمل خاطئ شرير ارتكبه إما المتألم نفسه أو أبواه . نعم إن كل ألم هو نتيجة التعدي على شريعة الله . ولكن هذا الحق قد أفسد وحرف . إن الشيطان الذي هو أصل كل خطية والمتسبب في كل عواقبها ساق الناس إلى أن ينظروا إلى الأمراض والموت على أنها صادرة من الله- كقصاص استبدادي تعسفي يحل بالإنسان عقابا للخطية. ولذلك فالإنسان الذي تحيق به تجربة أو كارثة عظيمة كان يقع تحت عبء إضافي وهو أنه يعتبر خاطئا عظيما. ML 446.3
وهكذا صار الطريق معبدا أمام اليهود لرفض يسوع . فالذي حمل “أحزاننا ... وأوجاعنا تحملها” حسبه اليهود “مصاباً مضروباً من الله ومذلولاً” فستروا وجوههم عنه (إشعياء 53 : 4، 3). ML 446.4
أعطى الله للناس درسا كان القصد منه أن يلاشي هذا الاعتقاد . فلقد برهن تاريخ أيوب على أن الآلام والضيقات تحل بالناس نتيجة لعمل الشيطان ولكن الله يسيطر عليها لأغراض رحيمة . غير أن بني إسرائيل لم يفهموا هذا الدرس . فنفس الغلطة التي وبخ الله عليها أصحاب أيوب كررها اليهود حين رفضوا المسيح ML 446.5
إن اعتقاد اليهود الخاص بارتباط الآلام بالخطية كان هو الاعتقاد الذي رسخ في عقول تلاميذ المسيح . وفي حين أصلح يسوع خطأهم لم يوضح لهم أسباب البلية التي حلت بالأعمى بل أخبرهم بنتائجها إذ بسبب تلك البلية ستظهر أعمال الله . ثم قال لهم: “ما دمت في العالم فأنا نور العالم” (يوحنا 9 : 5). وبعدما طلى بالطين عيني الأعمى أرسله إلى بركة سلوام ليغتسل فاستعاد الرجل بصره . وبهذا أجاب يسوع عن سؤال التلاميذ بطريقة عملية ، كما اعتاد أن يجيب عن الأسئلة المقدمة إليه بدافع الفضول . إن التلاميذ لم يطلب منهم أن يتناقشوا في السؤال عمن قد أخطأ أو من لم يخطئ بل أن يفهموا ويدركوا قدرة الله ورحمته في إعطاء البصر للأعمى . كان واضحا أن الطين لم تكن فيه قوة شافية ولا في البركة التي أرسل الأعمى ليغتسل فيها ولكن القوة الشافية كانت في المسيح نفسه. ML 447.1