أعطي التلاميذ السبعون قوة فائقة الطبيعة كختم لرسالتهم كما كانت الحال مع الرسل .فلما أنجزوا عملهم رجعوا بفرح قائلين: “يا رب، حتى الشياطين تخضع لنا باسمك!” فأجابهم يسوع قائلاً: “رأيت الشيطان ساقطاً مثل البرق من السماء” (لوقا 10 : 17 و 18). ML 464.4
كانت مناظر الماضي والمستقبل ماثلة أمام ذهن يسوع . فلقد رأى لوسيفر عندما طرد أولا من المواطن السماوية . كما نظر إلى الأمام إلى مشاهد آلأمه هو عندما ينكشف الستار عن صفات المخادع الأعظم أمام المسكونة كلها . لقد سمع الصرخة القائلة: “قد أكمل” (يوحنا 19 : 30). معلنة أن فداء جنسنا الساقط صار حقيقة واقعة وثابتة إلى الأبد . وأن السماء صارت بمأمن إلى الأبد من كل الاتهامات والمخادعات والمزاعم التي يثيرها الشيطان ويحرض عليها. ML 465.1
وخلف صليب جلجثة بكل آلامه وعذاباته وعاره نظر يسوع إلى الأمام ، إلى اليوم الأخير العظيم عندما يلاقي رئيس سلطان الهواء هلاكه المحتوم في الأرض التي عاث فيها مفسدا أمدا طويلا بتمرده وعصيانه . لقد رأى يسوع عمل الشر ينتهي إلى الأبد وسلام الله يملأ السماوات والأرض. ML 465.2
كان على اتباع المسيح فيما بعد أن ينظروا إلى الشيطان على أنه عدو منهزم . وعلى الصليب كان يسوع سيحرز النصرة لأجلهم ، فرغب في أنهم يقبلون تلك النصرة على أنها لهم . قال: “ها أنا أعطيكم سلطاناً لتدوسوا الحيّات والعقارب وكل قوة العدو، ولا يضرّكم شيء” (لوقا 10 : 19). ML 465.3
إن قوة الروح القدس القادر على كل شيء هى الحصن الحصين لكل نفس منسحقة .ليس أحد يطلب حماية المسيح بانسحاق وإيمان إلا ويحفظه ولا يسمح بوقوعه تحت رحمة العدو . إن المخلص يقف دائما إلى جانب شعبه المجربين . وإذ يكونون تحت حمايته فلن يذوقوا طعم الفشل أو الخسارة أو الهزيمة، ولن يكون شيء غير ممكن لديهم . إننا نستطيع كل شيء في المسيح الذي يقوينا . فعندما تهاجمك المحن والتجارب لا تنتظر حتى تسوى كل مشكلاتك بل التفت إلى معينك يسوع . ML 465.4
هنالك بعض المسيحيين الذين يفكرون ويتكلمون عن قوة الشيطان بكثرة زائدة . إنهم يفكرون في خصمهم ويصلون عنه ويتحدثون عنه حتى يبدو متزايد القوة في تصورهم .نعم إن الشيطان هو كائن قوي ، ولكن شكرا لله فإن لنا مخلصا قديرا استطاع أن يطرد ذلك العدو الشرير من السماء . إن الشيطان يفرح ويسر عندما نُهول ونعظم قوته . ولكن لماذا لا نتحدث عن يسوع ، نعظم قدرته ونمجد محبته؟ إن قوس قزح الوعد المحيطة بعرش السماء هي علامة أبدية على أنه “هكذا أحب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد، لكي لا يهلك كل من يؤمن به، بل تكون له الحياة الأبدية” (يوحنا 3 : 16)، وهي شهادة للكون كله على أن الله لن يترك شعبه في نضالهم مع الشر ، وهي اليقين الثابت الذي يضمن لنا القوة والحماية طالما عرش الله نفسه باق. ML 465.5