أما الفريسيون فكانوا يؤمنون بالقيامة ، ولم يسعهم إلا أن يروا أن هذه المعجزة كانت برهانا قويا على أن مسيا نفسه في وسطهم . ولكنهم كانوا دائما يقاومون عمل المسيح . فمن بادئ الأمر أبغضوه لأنه فضح ادعاءاتهم ورياءهم . لقد مزق رداء الطقوس الصارمة التي كانوا يخفون تحتها العيوب والنقائص الأخلاقية . كما أن الديانة الطاهرة التي علم بها دانت اعترافهم الفارغ بالتقوى ، فكانوا متعطشين إلى الانتقام منه بسبب توبيخاته الجارحة . لقد حاولوا إثارته ليقول أو يفعل ما يمكن أن يكون علة لإدانته . وحاولوا مرارا أن يرجموه ولكنه كان ينسحب بهدوء ويغيب عن أنظارهم. ML 507.1
ثم أن المعجزات التي كان يصنعها في يوم السبت كانت كلها للتخفيف من آلام المتألمين ولكن الفريسيين طلبوا إدانته كمن هو ناقض السبت . وحاولوا إثارة الهيرودسيين ضده . لقد صوروه على أنه يحاول إقامة مملكة منافسة فتباحثوا معهم في كيف يهلكونه . وحتى يثيروا ثائرة الرومان ضده صوروه كمن يحاول هدم سلطتهم . ولقد استخدموا كل وسيلة لملاشاة تأثيره على الشعب . ولكن كل محاولاتهم باءت بالفشل وأحبطت . فالجموع الذين شاهدوا أعمال رحمته وسمعوا تعاليمه النقية المقدسة عرفوا أن هذه لم تكن أقوال أو أعمال إنسان ناقض للسبت أو مجدف . وحتى الخدام الذين أرسلهم الفريسيون ليمسكوه كان لأقواله تأثير مدهش عليهم فلم يستطيعوا أن يلقوا عليه يدا . إن اليهود في يأسهم وتهورهم أصدروا أمرا أن كل من اعترف بالإيمان به يطرد من المجمع. ML 507.2
وهكذا إذ اجتمع الكهنة والرؤساء مع الشيوخ ليتشاوروا معا كان قرارهم وتصميمهم القاطع هو إسكات ذاك الذي عمل تلك الأعمال العجيبة التي أدهشت كل الناس . وهكذا زاد ارتباط الفريسيين بالصدوقيين وتقربهم منهم عما كان قبلا . فمع أنهم كانوا قبلا منقسمين على بعضهم فقد اتفقت كلمتهم الآن على مقاومة المسيح . لقد استطاع نيقوديموس ويوسف الرامي فيما مضى أن يمنعاهم من إدانة يسوع ، ولذلك لم يدعيا الآن إلى هذا الاجتماع . وكان حاضرا في اجتماعهم هذا رجال ذوو نفوذ ممن كانوا قد آمنوا بيسوع ولكن نفوذهم كان ضئيلا وضعيفا أمام نفوذ الفريسيين الحاذقين الماكرين. ML 507.3
ومع ذلك فإن أعضاء المجمع لم تتفق كلمتهم . ولم يكن السنهدريم في ذلك الوقت مجمعا قانونيا ، والسبب في وجوده هو تساهل الرومان . وقد تساءل بعض أعضائه عن الحكمة في القضاء على المسيح بالموت وكانوا يخشون من حدوث ثورة وشغب في الشعب فيكون من نتائج ذلك أن يسحب الرومان من الكهنة امتيازات جديدة وأن يؤخذ منهم السلطان الذي لا يزال بين أيديهم . لقد أجمع رأي الصدوقيين على كراهة المسيح . ومع ذلك فقد آثروا الحذر في تحركاتهم لئلا يحرمهم الرومان من مركزهم السامي. ML 508.1