ومع ذلك فقد كان أعضاء مجلس السنهدريم يخشون مغبة اتخاذ أي إجراءات طائشة ضد يسوع لئلا تثور ثائرة الشعب ويرتد على رؤوسهم الظلم الذي فكروا في إيقاعه به . ولهذا أجل المجلس تنفيذ حكمه الذي نطق به . عرف المخلص بمؤامرات الكهنة ضده وعلم أنهم كانوا يتوقون للقضاء عليه والتخلص منه وأنهم سينفذون غرضهم سريعا . ولكن السيد لم يرد الإسراع بإحداث الأزمة فانسحب من ذلك الإقليم ومعه تلاميذه . وهكذا نفذ يسوع المبدأ الذي علم به تلاميذه إذ قال: “ومتى طردوكم في هذه المدينة فاهربوا إلى الأخرى” (متى 10 : 23). لقد كان هناك حقل واسع فيه يباشر عمل خلاص النفوس . ولم يكن عبيده ليخاطروا بحياتهم إلا إذا كان ولاؤهم له يستلزم ذلك. ML 510.3
كان يسوع قد خدم العالم خدمة جهارية مدة ثلاث سنين ، ومثاله ، مثال الإحسان النزيه المنكر لذاته كان ماثلا أمامهم وحياته ، حياة الطهارة واحتمال الألم والتكريس كانت معروفة لدى الجميع . ومع ذلك ففترة الثلاث سنوات القصيرة كانت طويلة بقدر ما يستطيع العالم أن يحتمل وجود فاديه. ML 511.1
وطيلة حياته احتمل صنوفا من الاضطهادات والإهانات . فإذ طرده من بيت لحم ملك حسود ، ورفضه شعبه في الناصرة ، وحكم عليه بالموت ظلما “بدون علة في أورشليم” وجد يسوع هو وأتباعه الأمناء القليلون ملاذا مؤقتا في مدينة غريبة . فذاك الذي كان يتألم دائما لآلام الناس ، والذي شفى المرضى وأعاد البصر للعميان والسمع للصم وقوة النطق للبكم ، والذي أشبع الجياع وعزى المحزونين طُرِد من بين شعبه الذين قد تعب ليخلصهم ، ذاك الذي مشى على لجج المياه الثائرة وبكلمة أسكت البحر الغاضب وهدأ العواصف الثائرة ، والذي أخرج الشياطين التي في خروجها اعترفت بأنه ابن الله والذي أيقظ الموتى وأقامهم وأعاد لهم الحياة ، والذي أذهل الألوف بكلام الحكمة الخارج من شفتيه- لم يستطع الوصول إلى قلوب أولئك الذين قد أعماهم التعصب والكراهية ، وبكل صلابة وعناد رفضوا النور. ML 511.2