ولكن عمل فداء البشرية ليس هو كل ما تم بالصليب . إن محبة الله تُعَلن للكون ، ورئيس هذا العالم يطرح خارجا ، وكل الاتهامات التي قدمها الشيطان ضد الله قد ضاعت ودحضت ، والعار الذي ألقي به على السماء قد زال أبد الدهر . والملائكة والناس يجتذبون إلى الفادي . فلقد قال: “وأنا إن ارتفعت عن الأرض أجذب إليّ الجميع”. ML 592.1
كان ملتفا حول المسيح جمع من الناس وهو ينطق بهذه الأقوال . فقال أحدهم: “نحن سمعنا من الناموس أن المسيح يبقى إلى الأبد، فكيف تقول أنت إنه ينبغي أن يرتفع ابن الإنسان؟ من هو هذا ابن الإنسان؟” “فقال لهم يسوع: النور معكم زماناً قليلاً بعد، فسيروا ما دام لكم النور لئلا يدرككم الظلام. والذي يسير في الظلام لا يعلم إلى أين يذهب. ما دام لكم النور آمنوا بالنور لتصيروا أبناء النور. تكلّم يسوع بهذا ثم مضى واختفى عنهم” (يوحنا 12 : 34 — 36). ML 592.2
“ومع أنه كان قد صنع أمامهم آيات هذا عددها، لم يؤمنوا به” (يوحنا 12 : 37). لقد سألوا المسيح مرة قائلين: “أية آية تصنع لترى ونؤمن بك؟” (يوحنا 6 : 30). ومع أنه قدم لهم آيات لا حصر لها لكنهم أغمضوا عيونهم وقسوا قلوبهم . والآن بعدما تكلم الآب نفسه لم يستطيعوا أن يطلبوا آية جديدة ، ومع ذلك فقد ظلوا موغلين في عدم إيمانهم. ML 593.1
“ولكن مع ذلك آمن به كثيرون من الرؤساء أيضاً، غير أنهم لسبب الفريسيين لم يعترفوا به، لئلا يصيروا خارج المجمع” (يوحنا 12 : 42). لقد أحبوا مجد الناس أكثر من رضا الله . فلكي ينجوا بأنفسهم من الهوان والعار أنكروا المسيح ورفضوا هبة الحياة الأبدية . وما أكثر الناس الذين يفعلون مثل هذه في كل العصور ! إن كلمات التحذير التي نطق بها المخلص تنطبق عليهم إذ قال: “من يحب نفسه يهلكها” (يوحنا 12 : 25) كما قال أيضاً: “من رذلني ولم يقبل كلامي فله من يدينه. الكلام الذي تكلّمت به هو يدينه في اليوم الأخير” (يوحنا 12 : 18). ML 593.2
واأسفاه على أولئك الذين لم يعرفوا زمان افتقادهم ! لقد غادر المسيح الهيكل إلى الأبد بتأسف وعلى مهل وقد شمله حزن عظيم. ML 593.3