فلما اجتمعوا معا حول المائدة قال لهم بنغمة حزن مؤثرة: “شهوة اشتهيت أن آكل هذا الفصح معكم قبل أن أتألم، لأني أقول لكم: إني لا آكل منه بعد حتى يكمل في ملكوت الله” (لوقا 22 : 15 — 18). ML 611.4
لقد عرف المسيح أن وقته قد حان ليرحل عن هذا العالم ويمضي إلي أبيه . فإذ كان قد أحب خاصته الذين في العالم ، أحبهم إلي المنتهى . لقد كان الآن تحت ظل الصليب وكان الألم يعتصر قلبه ويعذبه . عرف أن الجميع سيتركونه في ساعة تسليمه ، وعرف أنه سيموت بعملية في منتهى الإذلال كما كان يعامل المجرمون . عرف الجحود والقسوة اللذين بهما سيعامله أولئك الذين أتى ليخلصهم ، وعرف هول التضحية التي كان قادما عليها ، وكيف أنها ستكون عبثا وبلا فائدة لأناس كثيرين . فإذ كان عالما بكل ما سيأتي عليه فبالطبع كان لابد أن يطغي عليه التفكير في اتضاعه و آلامه ، ولكنه مع ذلك نظر إلي الاثني عشر الذين كانوا معه كخاصته ، والذين بعدما يشاهدون العار والحزن والمعاملة المؤلمة القاسية التي سيعامل بها سيتركون ليكافحوا في العالم . إن تفكيره في آلامه كان مرتبطا أبدا بتلاميذه . فلم يفكر في نفسه ، بل كان اهتمامه بهم هو الأول والأعظم في تفكيره. ML 612.1