إن يسوع وهو يصف لتلاميذه عمل الروح القدس أراد أن يبث في قلوبهم الفرح والرجاء اللذين كانا يفيضان من قلبه. لقد فرح بسبب المعونة العظيمة التي أعدها لكنيسته . لقد كانت عطية الروح القدس أسمى كل العطايا التي أمكنه أن يطلبها من الآب لأجل تمجيد شعبه . كان الروح القدس سيعطى كقوة مجددة ، إذ بدونه لن تجدي ذبيحة المسيح فتيلا . لقد زادت قوة الشر وتفاقمت أجيالا طويلة ، وكان خضوع الناس لعبودية الشيطان مذهلا ومحيرا . ولم يكن ممكنا مقاومة الخطية أو الانتصار عليها إلا بقوة الأقنوم الثالث من اللاهوت الذي لا يأتي بقوة ضعيفة بل في ملء القوة الإلهية . إن الروح هو الذي يجعل عمل فادي العالم ذا أثر فعال . والقلب يتطهر بقوة الروح . وبواسطة الروح يصير المؤمنون شركاء الطبيعة الإلهية . لقد أعطى المسيح روحه كقوة إلهية للانتصار على كل الميول الموروثة المتأصلة في النفس لعمل الشر ، وليطبع صفاته على قلوب أفراد كنيسته. ML 638.1
قال يسوع عن الروح القدس: “ ذاك يمجدني” (يوحنا 16: 14). لقد جاء المخلص ليمجد الآب بإظهار محبته ، وكذلك جاء الروح ليمجد المسيح بإعلان نعمته للعالم . فنفس صورة الله ستخلق من جديد في قلوب بني الإنسان . إن مجد الله ومجد المسيح متضمنان في اكتمال خلق شعبه. ML 638.2
قال المسيح: “ ومتى جاء ذاك يبكت العالم على خطية وعلى بر وعلى دينونة” (يوحنا 16: 18). لن تكون الكرازة بالكلمة ذات فائدة بدون حضور الروح القدس ومساعدته الدائمين. هذا هو المعلم الوحيد المقتدر في تعليم حق الله . فعندما يوصل الروح القدس الحق إلى القلب فهو يحيي الضمير ويغير الحياة . ولا وسيلة تنفع غير ذلك . قد يستطيع إنسان ما أن يقدم كلمة الله في حرفيتها ، وقد يكون خبيرا بكل أوامرها ومواعيدها ، ولكن ما لم يوصل الروح القدس الحق إلى القلب فلن تسقط النفس على الحجر وتترضض. ولا يمكن لأي قدر من التهذيب مهما عظم ، ولا أية امتيازات مهما جل شأنها أن تجعل إنسانا قناة للنور بدون أن يتعاون مع روح الله . ولن ينجح بذار الإنجيل الذي يلقى ما لم تبعث فيه الحياة بواسطة ندى السماء . فقبلما كتب سفر واحد من أسفار العهد الجديد ، وقبلما ألقيت عظة واحدة من الإنجيل بعد صعود المسيح حل الروح القدس على الرسل المصلين . وحينئذ شهد الأعداء عنهم قائلين: “ها أنتم ملأتم أورشليم يتعليمكم” (أعمال 5 : 28). ML 638.3