ثم تلا ذلك المشهد الثالث لإهانة المسيح والسخرية به ، وكان ذلك أردأ وأشد إيلاما له حتى مما لاقاه ، من الرعاع: فأمام الكهنة والرؤساء وبمصادقتهم حدث كل ذلك. لقد انتزعت من قلوبهم كل مشاعر الرفق والإنسانية . فإذ كانت حججهم واهية وقد عجزوا عن إسكات صوت يسوع لجأوا إلى أسلحة أخرى كتلك التي استخدمت في عصور التاريخ المتعاقبة لإسكات الذين حسبوا هراطقة - أي إيقاع الآلام والظلم ، والحكم بالموت عليه. ML 674.4
وعندما نطق القضاء بالحكم على يسوع شمل الشعب هياج شيطاني ، فكان زئيرهم يشبه زئير الضواري. فاندفع ذلك الجمع نحو يسوع صارخين وقائلين إنه مجرم . اقتلوه ! ولولا وجود جنود الرومان لما عاش يسوع حتى يعلق على صليب جلجثة . ولولا تدخل السلطات الرومانية التي كبحت بقوة السلاح جماح أولئك الرعاع المهتاجين لمزقوا يسوع إربا إربا أمام أولئك القضاة. ML 674.5
غضب الوثنيون بسبب المعاملة التي عومل بها ذاك الذي لم تثبت ضده أية تهمة. وقد أعلن الضباط الرومان أن اليهود إذ أصدروا حكمهم بإدانة يسوع كانوا بذلك يتعدون على سلطان الرومان ، وإن إدانة إنسان والحكم عليه بالموت بناء على اعترافه كان انتقاضا على الشريعة اليهودية . فهذا التدخل عقبته فترة توقف في الإجراءات . ولكن قلوب رؤساء اليهود كانت قد تحجرت فما عاد فيها أي عطف وما عادوا يحسون بأي خجل. ML 675.1
لقد نسي الكهنة والرؤساء جلال مركزهم وجعلوا يهينون ابن الله بنعوت نجسة كريهة .جعلوا يعيرونه بنسبه وأعلنوا أن ادعاءه أنه مسيا جعله مستحقا لأشنع ميتة مهينة. إن أنجس الناس الفاسقين أهانوا المخلص إهانات مخجلة . فغطوا وجهه بثوب بال وجعل معذبوه يلطمونه على وجهه قائلين: “تنبأ لنا أيها المسيح، من ضربك؟” (متى 26 : 68). فلما نزعوا عن وجهه ذلك الثوب بصق في وجهه رجل حقير. ML 675.2
لقد سجل ملائكة السماء ، بكل أمانة ، كل إهانة وكل نظرة وكل عمل ضد قائدهم المحبوب. وفي يومن آتٍ ، وكل آت قريب ، سينظر أولئك الناس الأدنياء الذين احتقروا المسيح وبصقوا في وجهه الهادئ الشاحب- سينظرون ذلك الوجه في ملء مجده وهو يشع بلمعان أشد من نور الشمس. ML 675.3