ولو وجدت في المسيح خطية واحدة ، أو لو خضع للشيطان في شيء صغير لينجو من العذابات الهائلة لانتصر عدو الله والإنسان. لقد نكس المسيح رأسه وأسلم الروح ولكنه ظل ثابتا على إيمانه وخضوعه لله ، “وسمعت صوتاً عظيماً قائلاً في السماء: الآن صار خلاص إلهنا وقدرته وملكه وسلطان مسيحه، لأنه قد طرح المشتكي على إخوتنا، الذي كان يشتكي عليهم أمام إلهنا نهاراً وليلاً” (رؤيا 12 : 10). ML 723.1
رأى الشيطان أن القناع الذي كان يخفي تحته حقيقته قد تمزق ، فانكشفت سياسته الخادعة أمام الملائكة غير الساقطين وأمام مسكونة السماء ، وأعلن عن نفسه كقاتل. فإذ أهرق دم ابن الله فقد حرم نفسه من عطف الكائنات السماوية ومحبتهم . ومنذ ذلك الحين صار عمله محصوراً . ومهما يكن الموقف الذي يتخذه فإنه ما عاد ينتظر الملائكة عند عودتهم من السماء ليتهم أمامهم إخوة المسيح بأنهم يلبسون ثياب السواد ونجاسة الخطية. لقد انفصمت آخر حلقة من حلقات العطف بين الشيطان والعالم السماوي. ML 723.2
ومع ذلك فإن الشيطان لم يهلك حينئذ ، إذ حتى إلى ذلك الحين لم يكن الملائكة كلهم يدركون ما اشتمل عليه ذلك الصراع العظيم. فالمبادئ المعرضة للخطر كان لابد أن تنكشف أكثر . ولأجل الإنسان كان لابد أن يظل الشيطان باقيا . وكان لابد للناس والملائكة أن يلمسوا الفرق بين سلطان النور وسلطان الظلمة . وكان على الإنسان أن يختار لنفسه أي الاثنين يخدم. ML 723.3
عند بدء ذلك الصراع العظيم أعلن الشيطان أن شريعة الله لا يمكن حفظها ، وأن العدل على نقيض الرحمة ، وأنه لو تعدى الخاطئ الشريعة فمن المستحيل أن تغفر خطاياه ، وأنه لابد لكل خطية من أن تنال قصاصها - هكذا قال الشيطان ، وإنه إذا تجاوز الله عن معاقبة الخطية فلن يكون اله العدل والحق. فعندما نقض الناس شريعة الله وتحدوا إرادته تهلل الشيطان وأعلن قائلا: لقد تبرهن أن الشريعة لا يمكن أن تطاع ولا يمكن أن تغفر خطية الإنسان. فطالب الشيطان بأن ينفى كل الجنس البشري إلى الأبد بعيدا عن رضى الله حيث أنه هو قد نفي من السماء بعد ما أخطأ . ثم قال: إن الله لو رحم الخاطئ لا يمكن أن يكون عادلا. ML 723.4