ثم قال يوحنا: “أنا أعمّدكم بماء للتوبة، ولكن الذي يأتي بعدي هو أقوى مني، الذي لست أهلاً أن أحمل حذاءه. هو سيعمّدكم بالروح القدس ونار” (متى 3 : 11). كان النبي إشعياء قد أعلن من قبل أن الرب سيطهر شعبه من آثامهم “بروح القضاء وبروح الإحراق” (إشعياء 4 : 4). وهذا ما قاله الرب لإسرائيل: “وأرد يدي عليك، وأنقّي زغلك كأنه بالبورق، وأنزع كل قصديرك” (إشعياء 1 : 25). أما بالنسبة إلى الخطية أينما وجدت فإن “إلهنا نار آكلة” (عبرانيين 12 : 29). وكل من يخضعون لسلطان الله فإن روحه يحرق الخطية. أما إذا تعلق الناس بالخطية فسيحرقون معها وحينئذ فمجد الله الذي سيهلك الخطية سيهلكهم. إن يعقوب بعد ليلة مع الملاك قال: “لأني نظرت الله وجهاً لوجه، ونُجيت نفسي” (تكوين 30 : 32). لقد ارتكب يعقوب خطية عظيمة ضد أخيه عيسو ولكنه تاب ، فغفر إثمه وتطهر من خطيته ولذلك أمكنه احتمال الوجود في حضرة الله . ولكن أينما يمثل الناس أمام الله وهم بكل إصرار يحتضنون الشر فلابد من هلاكهم .وعند مجيء المسيح الثاني سيباد الأثيم “بنفخة فمه، ويبطله بظهور مجيئه” (1 تسالونيكي 2 : 8). إن نور مجد الرب الذي يمنح الحياة للأبرار سيهلك الأثمة. ML 88.4
في أيام يوحنا المعمدان كان المسيح مزمعا أن يظهر كمن هو معلن وكاشف صفات الله. ونفس حضوره سيكشف للناس خطاياهم . ولا يمكنهم أن يدخلوا في شركة معه ما لم يكونوا راغبين في التطهر من الخطية . إن الأنقياء القلب هم وحدهم الذين يسكنون في حضرته. ML 89.1
وهكذا أعلن المعمدان رسالة الله لإسرائيل وقد حفظ كثيرون تعاليمه. وفي سبيل الطاعة ضحى كثيرون بكل شيء ، واتبعت جماهير الشعب هذا الكارز الجديد من مكان إلى آخر، وقد كان يرجو عدد غير قليل منهم أن يكون هو مسيا ، ولكن إذ رأى يوحنا الشعب منصرفين إليه انتهز كل فرصة لتوجيه إيمانهم إلى ذاك المزمع أن يأتي ML 89.2