أتى إلى المخلص- وكأنما كان ذلك استجابة لصلاة السيد- شخص في هيئة ملاك آت من السماء. وادعى ذلك الشخص أنه جاء مفوضا من الله ليعلن أن صوم المسيح قد انتهى. فكما أرسل الله إلى إبراهيم ملاكا ليمنع يده عن تقديم ابنه اسحق ذبيحة ، فكذلك إذ اكتفى الآب بتطوع المسيح للسير في الطريق المخضب بالدم أرسل ملاكا ليخلصه . هذه كانت الرسالة المرسلة إلى يسوع . كان المخلص قد غشي عليه من الجوع ، وكان مشتاقا إلى الطعام عندما أقبل عليه الشيطان فجأةً . وإذ أشار إلى الحجارة الملقاة على وجه الصحراء والتي تشبه الخبز قال له المجرب: “إن كنت ابن الله فقل أن تصير هذه الحجارة خبزاً” (متى 4 : 3). ML 99.2
ومع أنه جاء في شبه ملاك نور فقد فضحته هذه الكلمات وأظهرته على حقيقته: “ إن كنت ابن الله” - في هذه الكلمات تلميح إلى الشك ، فلو عمل يسوع بمشورة الشيطان لكان ذلك تسليما بالشك ، إذ قصد المجرب أن يسقط المسيح بنفس الوسائل التي أفلحت في إسقاط أبوينا الأولين . ما أعظم الدهاء والخبث اللذين بهما اقترب الشيطان إلى حواء في الجنة! لقد سألها قائلاً: “أحقاً قال الله لا تأكلا من كل شجر الجنة؟” (تكوين 3 : 1). إلى هنا كان كلام المجرب صادقا ، ولكن الطريقة التي تكلم بها كانت تشيع فيها نغمة الاحتقار لكلام الله ، إذ كان في قوله نفي خفي سري وشك في صدق الله. لقد حاول الشيطان أن يبث في عقل حواء فكرة كون أنه لا يقصد أن ينفذ وعيده ، وأن تحريمه الأكل من تلك الثمرة الحلوة الجميلة هو أمر مناقض لمحبته وشفقته على الإنسان . وكذلك نجد الشيطان هنا يحاول أن يستميل المسيح لقبول آرائه هو: “ان كنت ابن الله”. إن هذه الكلمات جاشت محمومة في ذهنه . إن نغمة كلامه يشيع فيها الارتياب: أهكذا يعامل الله ابنه؟ أيتركه في البرية مع الوحوش بدون طعام أو رفاق أو عزاء؟ وهو يوعز إليه أن الله لا يقصد البتة أن يصل ابنه إلى مثل هذه الحالة ، “إن كنت ابن الله” فأظهر قدرتك في إسعاف نفسك وسد هذا الجوع الشديد الذي تعانيه . قل أن يصير هذا الحجر خبزا. ML 99.3