وكما كانت الحال مع ذينك الزوجين المقدسين في جنة عدن كذلك كانت الحال مع المسيح إذ كان اشتهاء الأكل هو أساس التجربة الأولى التي هوجم بها ، ففي نفس الشيء الذي بدأ به الخراب والهلاك ينبغي أن يبدأ عمل فدائنا ، فكما سقط آدم بسبب شهود الأكل كذلك ينبغي أن ينتصر المسيح بإنكار تلك الشهوة والتغلب عليها ، “ فبعد ما صام أربعين نهاراً وأربعين ليلة، جاع أخيراً. فتقدّم إليه المجرّب وقال له: “إن كنت ابن الله فقل أن تصير هذه الحجارة خبزاً”. فأجاب وقال: “مكتوب: ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان، بل بكل كلمة تخرج من فم الله” (متى 4 : 2 — 4). ML 98.3
منذ عهد آدم إلى أيام المسيح زاد انغماس الناس من قوة حب الشهية والشهوة فصار سلطانها عظيما بحيث لم يستطع أحد أن يكبحها. وهكذا انحط الناس وأصيبوا بالسقم ، فأمسى من المستحيل عليهم أن ينتصروا بقوتهم. والمسيح كنائب عن الإنسان انتصر باحتماله أقسى امتحان . ولأجلنا لجأ المسيح إلى ضبط النفس الذي كان أقوى من الجوع ومن الموت .وكان لهذه النصرة الأولى كثير من النتائج التي تتدخل في كل حروبنا مع قوات الظلمة. ML 98.4
إن يسوع عندما دخل البرية كان محاطا بمجد الآب ، وإذ كان مشغولا بالشركة مع الله سما فوق الضعف البشري. ولكن المجد رحل عنه فتُرِك هو ليصارع التجربة . وكانت التجربة تلح عليه في كل لحظة ، فانكمشت طبيعته البشرية من الصراع الذي كان ينتظره، وظل صائماً ومصليا أربعين يوما . وإذ كان جسمه ضعيفا وهزيلا بسبب الجوع ، وإذ كان مضنى ومنهوكا بسبب العذاب النفسي والعقلي “كان منظره كذا مفسداً أكثر من الرجل، وصورته أكثر من بني آدم” (إشعياء 52 : 14). فكانت تلك الفرصة هي فرصة الشيطان السانحة ، وقد ظن أنه سيكون حينئذ قادرا على قهر المسيح. ML 99.1