واجه يسوع الشيطان بكلام الله قائلا: “مكتُوبٌ” وفي كل تجربة جرب بها كان سلاح محاربته كلمة الله . لقد طلب الشيطان من يسوع أن يصنع معجزة لإثبات ألوهيته . ولكن ما كان أعظم من كل المعجزات هو الاعتماد الراسخ على القول: “هكَذا قَالَ الربُّ” الذي كان آية لا يمكن أن تدحض . وطالما كان المسيح ثابتا في موقفه هذا لم يستطع المجرب أن يغنم أية فائدة. ML 101.2
لقد هوجم المسيح بأقسى التجارب وهو في أشد حالات الضعف. وهكذا ظن الشيطان أنه سينتصر ، إذ بهذه السياسة قد أحرز النصرة على بني الإنسان . فعندما ضعفت القوة ووهن العزم ، وعندما لم يعد الإيمان يستند على الله ، فأولئك الذين سبق أن ثبتوا وانتصروا للحق بكل شجاعة انهزموا . لقد تضايق موسى مدى سني تجوال إسرائيل في البرية مدة أربعين سنة بينما في لحظة أفلت إيمانه من قدرة الله غير المحدودة فلم يستند عليها ، فأخفق وهو على حدود أرض الموعد. وكذلك كانت الحال مع إيليا الذي كان قد وقف أمام الملك أخآب غير هياب ولا وَجِل ، والذي سبق له أن جابه كل شعب إسرائيل وعلى رأسهم أنبياء البعل الأربع مئة والخمسين . ففي نهاية ذلك اليوم المخيف على جبل الكرمل ، وبعد ما قتل كل الأنبياء الكذبة وأعلن الشعب ولاءهم لله هرب إيليا لأجل حياته خوفا من تهديدات إيزابل الوثنية . وهكذا استفاد الشيطان من ضعف البشرية ، وسيظل دائبا على عمله بنفس هذه الطريقة . فكلما أحاطت بالإنسان سحب أو أربكته الظروف أو آلمه الفقر أو الضيق فالشيطان يقترب إليه ليجربه ويضايقه . إنه يهاجم نقطة الضعف في أخلاقة ، ويحاول أن يزعزع ثقتنا بالله الذي يسمح باجتيازنا هذا الظرف أو ذاك . فنحن نجرب حتى نشك في الله وفي محبته . وغالبا ما يأتينا المجرب كما قد أتى إلى المسيح ، إذ يصف أمام أبصارنا كل ضعفاتنا وأمراضنا ، مؤملا بذلك أن يثبط عزائمنا ويفصم عرى تمسكنا بالله . ففي هذه الحالة يكون قد تمكن من فريسته . فلو واجهناه كما قد فعل يسوع لكنا ننجو من هزائم كثيرة . أما إذا لجأنا إلى التفاوض مع العدو فنحن بذلك نجعله يطمع فينا فينتصر علينا. ML 101.3