ثم أخذه إبليس إلى المدينة المقدسة، وأوقفه على جناح الهيكل، وقال له: “إن كنت ابن الله فاطرح نفسك إلى أسفل، لأنه مكتوب: أنه يوصي ملائكته بك، فعلى أياديهم يحملونك لكي لا تصدم بحجر رجلك” (متى 4 : 5 و 6). ML 106.1
ظن الشيطان الآن أنه إنما يواجه المسيح في ميدانه هو. ها هو العدو الماكر نفسه يقدم كلاما خرج من فم الله . إنه لا يزال متخذا هيئة ملاك نور ، ويبرهن على أنه خبير في معرفة الكلمة الإلهية ويدرك فحوى المكتوب وأهميته . فكما استخدم يسوع كلمة الله من قبل لإسناد إيمانه نرى المجرب يستخدمها الآن ليؤيد بها خداعه ، مدعيا أنه إنما يختبر ولاء يسوع . وهو الآن يمتدح ثباته . وإذ يعلن المخلص ثقته بالله فالشيطان يحرضه على تقديم برهان آخر على إيمانه. ML 106.2
ولكننا نرى هذه التجربة أيضاً تبدأ بما يثير الشك: “إِنْ كُنت ابن اللهِ” ، ولقد جرب المسيح بأن يجيب على كلمة “إِنْ”، ولكنه امتنع عن أقل تسليم بالشك . فلم يرد أن يخاطر بحياته ليقدم برهانا للشيطان. ML 106.3
فكر الشيطان في استغلال بشرية المسيح ليسوقه إلى الغطرسة ، ولكن مع أن الش ي طان يستطيع أن يغري فهو لا يستطيع أن يرغم أحدا على ارتكاب الخطية. لقد قال للمسيح: “اطرحْ نَفسك إِلى أَسَفلُ”، لعلمه أنه لا يستطيع أن يطرحه بنفسه ، لأن الله لابد أن يتدخل في هذه الحالة لإنقاذه ، كما لم يكن الشيطان قادرا على إرغام المسيح على طرح نفسه إلى أسفل . فما لم يسلم المسيح للتجربة فلا يمكن أن يهزم . ولم تكن كل قوات الأرض والجحيم قادرة على إرغامه ولو لمدى لحظة واحدة للابتعاد عن عمل إرادة أبيه. ML 106.4