إن المجرب لا يمكنه أبدا أن يرغمنا على عمل الشر. فهو لا يستطيع التحكم في الأذهان والأفكار ما لم تخضع لسلطانه . فقبلما يتحكم الشيطان فينا لابد أن تذعن له الإرادة ويفلت منا الإيمان بالمسيح . ولكن كل رغبة خاطئة نحتضنها في قلوبنا تعطيه مكانا يثبت فيه قدمه . وكل عمل نخفق فيه في الوصول إلى مقياس الله هو باب مفتوح يمكنه الدخول منه ليجربنا ويهلكنا . وكل فشل أو هزيمة تحل بنا تعطيه المجال لأن يعير المسيح. ML 107.1
إن الشيطان عندما اقتبس الوعد القائل: “لأَنَّه يوصي ملائِكَته بِك لِكي يحَفظُوكَ في كُلِّ طُرقك” (مزمور 91 : 11) أي في كل الطرق التي يختارها الله . وقد رفض المسيح التنكب عن طريق الطاعة . ففي حين أبدى ثقة كاملة في أبيه ، لم يرد أن يضع نفسه ، بدون أمر إلهي ، في موقف يجعل من اللازم أن يتدخل الله ليحول بينه وبين الموت . لم يرد أن يرغم عناية الله على أن تتقدم لإنقاذه . وهكذا يخفق في إعطاء الناس مثالا في الثقة والخضوع. ML 107.2
أجاب يسوع الشيطان بقوله: “مكتُوبٌ أَيضا: لاَ تُجرب الربَّ إِلهك” (متى 4 : 7). هذا القول نطق به موسى في مسامع بني إسرائيل عندما عطشوا في البرية وطلبوا من موسى أن يعطيهم ماء . وصرخوا قائلين: “أَفي وَسطَنا الربُّ أَمْ لاَ؟” (خروح 17 : 7). لقد صنع الرب معهم عجائب ومع ذلك ففي ضيقهم شكوا فيه وطلبوا برهانا على وجوده وسطهم . وفي عدم إيمانهم طلبوا أن يجربوه . فحرض الشيطان المسيح على أن يفعل نفس ذلك العمل . لقد سبق الله فشهد بأن يسوع هو ابنه . ولذلك فإن طلب الآن برهاناً جديداً على كونه ابن الله كان ذلك يعتبر تجربة لشهادة الله وتجربة لله . وهذا صدق أيضاً على من يسألون ما لم يعد به اللد فهذا يدل على عدم الثقة وبالتالي يكون تجربة لله . ينبغي ألاّ نقدم طلباتنا إلى الله ليتبرهن لنا ما إذا كان سيتم وعده أم لا ، بل لأنه سيتممه ، لا ليبرهن على كونه يحبنا بل لأنه يحبنا ، إذ “بِدونِ إِيمانٍ لاَ يمكن إِرْضاؤُهُ ، لأَنَّه يجِب أَنَّ الَّذي يأْتي إِلى اللهِ يؤْمن بِأَنَّه موجودٌ ، وَأَنَّه يجازِي الَّذين يطلُبوَنه” (عبرانيين 11 : 6). ML 107.3