لقد بدأ يسوع يهدم حائط السياج الكائن بين اليهود والأمم ويكرز بالخلاص لكل العالم .ومع كونه يهوديا فقد اختلط بالسامريين بكل حرية معتبرا عادات أمته الفريسية كلا شيء .وفي وجه تعصبات اليهود قبل كرم الضيافة من هذا الشعب المحتقر المرذول. لقد نام في منازلهم وأكل معهم على موائدهم ، فتناول من الطعام الذي قد أعدوه وقدموه له بأيديهم ، وعلم في شوارعهم وعاملهم بمنتهى الرفق واللطف. ML 170.2
في هيكل أورشليم أقيم جدار منخفض ليفصل بين الدار الخارجية وكل الأقسام الأخرى في ذلك المبنى المقدس ، وعلى هذا الجدار كتبت كتابة بلغات مختلفة تحرم على من لم يكن يهوديا تجاوز هذا الحد. فلو تجرأ إنسان أممي ودخل الحجرات الداخلية لكان ينجس الهيكل وكان يقضى عليه بالموت جزاء هذه الجرأة . ولكن يسوع مبدع الهيكل وخدماته جذب إليه أولئك الأمم بربط العطف البشري ، بينما نعمته الإلهية أتت إليهم بالخلاص الذي رفضه اليهود. ML 170.3
كان قصد يسوع من بقائه في السامرة أن يكون بركة لتلاميذه الذين كانوا لا يزالون خاضعين لتأثير التعصب اليهودي. لقد أحسوا بأن ولاءهم لأمتهم يقتضيهم أن يضمروا العداء للسامريين . ولقد أدهشهم تصرف يسوع ، ولم يسعهم رفض التمثل به . وفي أثناء اليومين اللذين قضاهما في السامرة كان ولاؤهم له من أهم العوامل التي حدت من تعصبهم ضد أولئك الناس ، ومع ذلك فقد كان يربض في قلوبهم الجفاء ضد السامريين. كانوا متباطئين في فهم حقيقة كون احتقارهم للسامريين وبغضهم لهم ينبغي أن يفسحا المجال للشفقة والعطف ، ولكن بعد صعود الرب عادوا فذكروا تلك التعاليم التي كانوا قد تعلموها منه إنما بمعنى جديد . وبعد انسكاب الروح القدس ذكروا نظرات المخلص وأقواله واحترامه ورقته ولطفه في تصرفه مع أولئك الغرباء المحتقرين . وحينما ذهب بطرس ليكرز في السامرة باشر عمله بنفس روح المسيح . وعندما دعي يوحنا للذهاب إلى أفسس وسميرنا ذكر الاختبار الذي جاز فيه في شكيم فامتلأ قلبه شكرا للمعلم الإلهي الذي إذ سبق فرأى الصعوبات التي ستواجههم أعانهم بمثاله. ML 170.4
إن المخلص لا يزال يقوم بنفس عمله كما فعل عندما قدم ماء الحياة لتلك المرأة السامرية. وأولئك الذين يقولون إنهم أتباعه قد يحتقرون الناس المنبوذين ويعرضون عنهم. ولكن لا ظروف الميلاد أو الجنسية ولا أية حالة من حالات الحياة يمكن أن تقلل من محبة الفادي نحو بنى الإنسان . فهو يقول لكل نفس مهما كانت خاطئة: لو طلبت مني لأعطيتك ماء حيا. ML 171.1