لكن المخلص رأى إنسانا في أشد حالات التعاسة. كان ذلك الرجل كسيحا عاجزا منذ ثمان وثلاثين سنة ، وكان مرضه ، إلى حد كبير ، نتيجة خطاياه ، وكان معتبرا قصاصا له من الله عليه . وإذ كان ذلك المريض وحيدا بلا صديق ، وإذ كان يحس بأنه قد حرم من رحمة الله فقد مضى عليه ردح من الزمن وهو في حال الشقاء . وفي الوقت الذي كان الناس ينتظرون فيه تحريك الماء فأولئك الذين كانوا يشفقون على عجز هذا الرجل كانوا يحملونه إلى الأروقة . ولكن في اللحظة الموافقة لم يجد من يساعده . لقد رأى تحريك الماء ، ولكنه لم يستطع الوصول إلى أبعد من حافة البركة . وكثيرون ممن كانوا أقوى منه كانوا ينزلون في الماء قبله . لم يكن يستطيع الانتصار على أولئك الناس المحبين لذواتهم الذين كانوا يتدافعون بالمناكب للنزول إلى البركة . إن جهوده الدائمة للوصول إلى ذلك الغرض الواحد وجزعه وإخفاقه المستمر ، كل هذه تضافرت على إفناء فلول ما تبقى من قوته. ML 179.1
كان ذلك المريض مضطجعا على فراشه ، ومن حين لآخر كان يرفع رأسه ليرى البركة ، وإذا بوجه رقيق عطوف ينحني نحوه ويسأله قائلا: “أَتُرِيد أَنْ تَبرأَ؟ ” (يوحنا 5: 6)، فيسترعى هذا السؤال انتباهه . لقد قرع الرجاء باب قلبه ، فأحس الرجل أنه سيحصل على العون بطريقة ما . ولكن سرعان ما فارقته بارقة الرجاء . لقد ذكر المرات العديدة التي حاول فيها الوصول إلى البركة . والآن لم يعد يؤمل في أنه سيعيش حتى يتحرك ماؤها مرة أخرى . فحول وجهه في إعياء قائلا: “ليس لي إنسان يلقيني في البركة متى تحرك الماء. بل بينما أنا آت، ينزل قدّامي آخر” (يوحنا 5 : 7). ML 179.2