إن فهمنا للخدمة في المقدس السماوي فهما صحيحا هو أساس إيماننا. CCA 711.1
إن موسى هو الذي بنى المقدس الأرضي حسب المثال الذي أظهر له في الجبل, ” الذي هو رمز للوقت الحاضر الذي فيه تقدم قرابين وذبائح “ وكان قسما المقدس كلاهما ” أمثلة الأشياء التي في السموات “. والمسيح رئيس كهنتنا العظيم هو خادم ” للأقداس والمسكن الحقيقي الذي نصبه الرب لا إنسان “, كما أعطى الرسول يوحنا أن يرى, في رؤيا, هيكل الله في السماء, فعاين هناك ” أمام العرش سبعة مصابيح نار متقدة “ CCA 711.2
لقد سمح لهذا النبي أن يرى القسم الأول من المقدس في السماء, فرأى السبعة مصابيح نار ومذبح الذهب مرموزا إليهما بالمنارة ومذبح البخور في المقدس الأرضي. ثم أيضا ” انفتح هيكل الله “ فأطل على ما في داخل الحجاب الداخلي في قدس الأقداس, وهناك رأى ” تابوت عهده “ مرموزا إليه بالصندوق المقدس الذي كرسه موسى لتوضع فيه شريعة الله. CCA 711.3
يقول يوحنا أنه رأى المقدس في السماء. ذلك المقدس الذي يخدم فيه المسيح لأجلنا هو الأصل العظيم الذي كان المقدس الذي بناه موسى صورة له. CCA 712.1
إن الهيكل السماوي الذي هو مسكن ملك الملوك, حيث ” ألوف ألوف تخدمه وربوات ربوات وقوف قدامه “ ذلك الهيكل المملوء بمجد العرش الأبدي, حيث السرافيم الذين هم حراسه اللامعون يغطون وجوههم في وقار — لا يمكن أن يشبه في اتساعه ومجده أي بناء أرضي. إلا أن تعاليم الحق الهامة المختصة بالمقدس السماوي والعمل العظيم الذي يجري فيه لأجل فداء الإنسان, كان ينبغي للناس أن يتعلموها بواسطة المقدس الأرضي وخدماته. CCA 712.2
إن مخلصنا, بعد صعوده, كان عليه أن يبدأ عمله كرئيس كهنتنا. يقول بولس : ” المسيح لم يدخل إلى أقداس مصنوعة بيد أشباه الحقيقة بل إلى السماء عينها ليظهر الآن أمام وجه الله لأجلنا “ وكما أن خدمة المسيح تألفت من قسمين عظيمين, وكل منهما يستغرق إنجازه فترة من الزمن وله مكان خاص في المقدس السماوي, كذلك تألفت الخدمة من قسمين : الخدمة اليومية والخدمة السنوية, وقد كرس لكل منهما مكان في خيمة الإجتماع. CCA 712.3
وكما أن المسيح عند صعوده ظهر أمام الله ليشفع, بإستحقاق دمه, في المؤمنين التائبين, كذلك كان الكاهن في الخدمة اليومية يرش دم الذبيحة في القدس لأجل الخاطيء. CCA 712.4
إن دم المسيح, وإن كان يحرر الخاطيء التائب من دينونة الناموس, لم يكن ليبطل الخطية, بل كان يقف شهادة في المقدس حتى يوم الكفارة النهائية, كذلك هي الحال في الرمز, فدم ذبيحة الخطية رفع الخطية عن التائب, ولكنها بقيت في المقدس إلى يوم الكفارة. CCA 712.5
في يوم المجازاة الأخير العظيم سيدان ” الأموات مما هو مكتوب في الأسفار بحسب أعمالهم “ وحينئذ فبقوة دم المسيح المكفر ستنمحي كل خطايا التائبين حقا من أسفار السماء, وبذلك يحرر المقدس أو يطهر من سجل الخطية. ان عمل الكفارة العظيم هذا, أو محو الخطايا, قد مثل في الرمز بخدمات يوم الكفارة, أي تطهير المقدس الأرضي الذي يجري بأن تمحى, بفضل دم ذبيحة الخطية, الخطايا التي تنجس بها. CCA 713.1
إن الشيطان يخترع مكايد لا حصر لها ليشغل عقولنا ويصرفها عن التأمل في العمل نفسه الذي يجدر بنا أن نكون على أحسن معرفة به. إن المضل الأكبر يبغض تعاليم الحق العظيمة التي تكشف لنا عن ذبيحة كفارية ووسيط كلي القدرة. وهو يعلم أنه, بالنسبة إليه, كل شيء يتوقف على صرفه عقول الناس عن يسوع وحقه. CCA 713.2
أما يسوع فيتوسل لأجلهم بحق يديه المثقوبتين وجسده المسحوق, ويعلن لكل الذين يرغبون في أتباعه قائلا : ” تكفيك نعمتي ” “ احملوا نيري عليكم وتعلموا مني لأني وديع ومتواضع القلب. فتجدوا راحة لنفوسكم. لأن نيري هين وحملي خفيف “. فلا يعتبرن أحد أن نقائصه هي مما لا يمكن إصلاحه, فالله سيهب إيمانا ونعمة للتغلب عليها. CCA 713.3
إننا الآن عائشون في يوم الكفارة العظيم. في الخدمة الرمزية. إذ كان رئيس الكهنة يجري عملية التكفير عن إسرائيل, كان يطلب من الجميع إن يذللوا نفوسهم بالتوبة عن الخطية, والإتضاع أمام الرب, لئلا يقطعوا من بين الشعب. وكذلك ينبغي لكل من يرغبون في أن تبقى أسماؤهم في سفر الحياة أنهم, في الأيام القليلة الباقية من زمن النعمة, يذللون نفوسهم أمام الله بالحزن على الخطية والتوبة الصادقة. ينبغي لهم أن يفحصوا قلوبهم فحصا عميقا بكل أمانة. أما تلك الروح المستخفة المستهترة التي انغمس فيها كثيرون من الذين يدعون أنفسهم مسيحيين فينبغي نبذها. هناك حرب جادة تواجه كل الذين يودون قهر أميالهم الشريرة التي تحاول السيطرة عليهم. ان عمل الإستعداد هو عمل فردي, فنحن لا نخلص كجماعات. إن طهارة إنسان ما وتكريسه لا يعوضان عن نقص إنسان آخر في هاتين الصفتين, فمع أن كل الأمم ستمثل أمام الله للدينونة فهو سيمتحن قضية كل فرد بدقة واختبار فاحص كما لو لم يكن غيره عائشا على الأرض, فيجب أن يمتحن كل واحد ويوجد بلا دنس أو غضن أو شيء من مثل ذلك. CCA 714.1
مهيبة هي المشاهد المتصلة بعمل الكفارة, وهامة جدا هي المصالح المنطوية عليها. أن الدينونة جارية الآن في القدس السماوي. ولسنين كثيرة وهذا العمل في تقدم, وستتناول الدينونة قضايا الاحياء بسرعة, وليس من يعرف مقدار هذه السرعة. وفي حضرة الله الرهيبة سيراجع سجل حياتنا. ففي هذا الوقت, اكثر من كل وقت آخر, يليق بكل نفس أن تلتفت إلى إنذار المخلص القائل : ” انظروا. اسهروا وصلوا لأنكم لا تعلمون متى يكون الوقت “. CCA 714.2
وعندما ينتهي عمل الدينونة يكون قد تقرر مصير الجميع إن للحياة أو للموت. وقبل ظهور الرب على سحب السماء بوقت قصير ينتهي زمن النعمة. والمسيح, إذ تطلع في الرؤيا إلى الأمام, إلى ذلك الوقت, قال : ” من يظلم فليظلم بعد. ومن هو نجس فليتنجس بعد. ومن هو بار فليتبرر بعد. ومن هو مقدس فليتقدس بعد. وها أنا آتي سريعا واجرتي معي لأجازي كل واحد كما يكون علمله “. CCA 715.1
إن الأبرار والأشرار سيظلون عائشين على الأرض في حالة الفاني, وسيكون الناس يغرسون ويبنون يأكلون يشربون, وجميعهم غير شاعرين بأن الحكم النهائي الذي لا يرد قد أصدر في المقدس السماوي. CCA 715.2
إن تلك الساعة الحاسمة التي فيها يتقرر مصير كل إنسان وتنسحب الرحمة المقدمة للآثمة انسحابا نهائيا — تلك الساعة ستأتي بسكون كلص في منتصف الليل, لا يلحظها أحد. CCA 715.3