إن رؤيا زكريا المختصة بيهوشع والملاك تنطبق, بقوة خاصة, على اختبار شعب الله في اختتام يوم الكفارة العظيم. فالكنيسة الباقية سيزج بها في ضيق وكرب عظيمين. إن الذين يحفظون وصايا الله وإيمان يسوع سيشعرون بغضب التنين وجنده. فالشيطان يعتبر أهل العالم رعاياه, لأنه امتلك الكنائس المرتدة, ولكن ههنا جماعة صغيرة تقاوم سلطانه, فإذا استطاع ان يمحوها من الأرض تتم له الغلبة. وكما استمال الشعوب الوثنية لاهلاك إسرائيل, هكذا سيثير, في القريب العاجل, قوات الشر في الأرض لإهلاك شعب الله, إذ سيطلب من الكل أن يعملوا بمقتضى المراسيم البشرية, خلافا للشريعة الإلهية. أما الذين سيكونون أمناء لله وللواجب فسوف يهددون ويوشى بهم ويحرمون من حماية القانون ويسلمون ” من الوالدين والإخوة والأقرباء والأصدقاء “ CCA 720.1
رجاؤهم الوحيد هو في رحمة الله, وستكون الصلاة هي حصن دفاعهم الوحيد. وكما كان يهوشع يتضرع أمام الملاك, هكذا الكنيسة الباقية, بإنسحاق قلب وإيمان حار, ستتضرع طالبة العفو والنجاة بواسطة المسيح شفيعها. أعضاؤها على علم تام بإثمية حياتهم. يرون ضعفهم وعدم استحقاقهم, وإذ ينظرون إلى ذواتهم يوشكون على الوقوع في اليأس. ويقف المجرب ليشتكي عليهم, كما وقف ليقاوم يهوشع. يشير إلى ثيابهم القذرة, أي صفاتهم الملوثة. يعرض ضعفهم وحماقتهم, وخطايا الجحود فيهم, وعدم تشبههم بالمسيح مما أهان فاديهم. ويسعى ليخيفهم بالفكر أن حالتهم ميؤوس منها, وإن لطخة نجاستهم لن تمحى أبدا. انه يامل في أن يهدم إيمانهم بحيث يستسلمون لتجاربه ويعرضون عن ولائهم لله ويوسمون بسمة الوحش. CCA 720.2
ويدفع الشيطان شكاواه عليهم أمام الله دفعا, قائلا أنهم قد فقدوا بخطاياهم الحماية الإلهية, ومدعيا الحق في اهلاكهم كمعتدين. ثم يحكم بأنهم, مثله تماما, مستوجبون الحرمان من رعاية الله وإحسانه. يقول ” أهؤلاء هم الناس الذين سيأخذون مكاني في السماء ومكان الملائكة الذين اتحدوا معي ؟ بينما هم يدعون الطاعة لناموس الله, هل حفظوا وصايا هذا الناموس ؟ ألم يكونوا محبين للذات أكثر منهم محبين لله ؟ ألم يقدموا مصالحهم الذاتية على خدمته ؟ ألم يحبوا الأشياء التي في العالم ؟ انظروا إلى الخطايا التي علقت بحياتهم. لاحظ أنانيتهم ومكرهم وبغضهم الواحد للآخر “. CCA 721.1
لقد ظل شعب الله مخطئين جدا من وجوه عديدة. والشيطان محيط تمام الإحاطة بالخطايا التي جربهم ليرتكبوها, وهو يقدم هذه الخطايا, مبالغا في تضخيمها إلى أبعد حد, قائلا : ” هل ينفيني الله وملائكتي من حضرته, ومع ذلك يكافيء الذين قد اذنبوا بإرتكابهم الخطايا نفسها ؟ لست تقدر أن تفعل هذا, يارب, بعدل. عرشك لا يثبت في البر والدينونة. ان العدل يقضي بأن تصدر الحكم عليهم “. CCA 721.2
غير أن أتباع المسيح, مع أنهم أخطأوا, لم يسلموا نفوسهم لسلطان الشر. لقد تركوا خطاياهم وطلبوا الرب في تواضع وإنسحاق, والشفيع الإلهي يتشفع فيهم. إن ذاك الذي تلقى أعظم الإهانة بنكرانهم للجميل, الذي يعرف خطيتهم, وأيضا توبتهم, يقول : ” لينتهرك الرب يا شيطان, لقد بذلت حياتي لأجل هؤلاء. إنهم منقوشون على كفي “ CCA 722.1