إن الله تعالى لا يجبر أحدًا على أن يحبه ويطيع شريعته، فقد أظهر محبة لا يُنطق بها تجاه الإنسان في خطة الفداء، وسكب كنوز حكمته، كما أنه أعطانا أعظم وأثمن عطية سماوية حتى نكون محصورين بمحبته وعلى وفاق ووئام مع مشيئته. فإن رفضنا هذه المحبة، ولم نجعله يملك علينا، فإننا بذلك نؤذي أنفسنا، وفي النهاية ستكون خسارتنا خسارة أبدية. CSAr 127.1
إن الله يريد خدمة قلوبنا المقدّمة طوعًا واختيارًا. لقد أنعم علينا بالعقل والقدرة على التفكير، وأعطانا الصحة والقوة كوزنات، وأعطانا القدرة على التأثير في الآخرين، وهو يريد منا أن نستخدمها من أجل خير ومنفعة البشرية، حتى نُظهِر روحه وطبيعته أمام العالم، كما أنه وضع الفرص والامتيازات الثمينة في متناول أيدينا، وإذا أهملناها، فإننا نسلب الآخرين ونخدع أنفسنا، ونهين خالقنا. لن نريد مواجهة هذه الفرص المُهانة والامتيازات المُهمَلة عندما يأتي يوم الدينونة (الحساب). إن اهتماماتنا الأبدية بالنسبة للمستقبل تتوقف على اجتهادنا الحالي في أداء الواجب المطلوب منا لاستغلال الوزنات التي استودعها الله بين أيدينا من أجل خلاص النفوس... CSAr 127.2
لا ينبغي لمكانتنا الاجتماعية وتأثيرنا، مهما كانت عظمتهما، أن يصبحا ذريعة لإهدار أموال الربّ واختلاسها. فنِعَم الله وبركاته الخاصة علينا يجب أن تحفّزنا على تقديم خدمة صادقة ونابعة من القلب له، إلا أن الكثيرين الذين ينعمون بهذه البركات والنعم ينسون الذي أعطاها، ويتصرفون بتهور وتحدِ وإسراف. وهم بفعلهم هذا يهينون إله السماء، ويمارسون تأثيرًا يلعن ويدّمر شركائهم، كما أنهم لا يسعون لتقليل معاناة المحتاجين، ولا يشتركون في عمل الربّ وتقدّمه، ولا يسعون لإصلاح أخطاء الأبرياء أو القضاء للأرملة واليتيم، ولا يظهرون جمال صفاتهم ومكارم أخلاقهم أمام الناس، وبالتالي لا يُظهِرون روح الإحسان والفضيلة، ولكن على العكس من ذلك، فإنهم يظلمون الأجير، ويختلسون من حقه في الحصول على أجر عادل مقابل أداء العمل، كما أنهم يخدعون الأبرياء ويسلبون الأرملة، ويكنزون لأنفسهم كنوزًا بدماء من ظلموهم. سيُطلب من هؤلاء أن يعطوا حسابًا عما اقترفوه عندما يمثلون أمام الله في قفص الاتهام، وعندما يأتي يوم الحساب، ستسمع هذه الفئة التي لا تفعل إرادة الآب السماوي، الأمر الصعب: «اذْهَبُوا عَنِّي يَا فَاعِلِي الإِثْمِ!» (متى ٧: ٢٣). — مجلة الريفيو آند هيرالد، ١٤ فبراير (شباط) ١٨٨٨. CSAr 127.3