يقدم الينا عمل الله في الارض من جيل الى جيل تشابها مدهشا في كل اصلاح عظيم أو نهضة دينية . ان مبادئ معاملة الله للناس باقية كما هي لم تتغيرقط. فالنهضات الهامة في الوقت الحاضر لها نظائرها في العصور الماضية، واختبارالكنيسة في العصور السالفة يوفر دروسا عظيمة القيمة لعصرنا هذا. GC 381.1
لا حقيقة يشرحها الكتاب بأكثر وضوح من تلك القائلة ان الله بروحه القدوس يوجه عبيده على الارض، خصوصا في النهضات العظيمة لاجل تقدم عمل الخلاص. ان الناس هم آلات في يد الله يستخدمهم لانجاز مقاصد نعم ته ورحمته. ولكل واحد عمله الذي يجب أن يقوم به، ويعطى كل واحد قدرا من النور ملائما حاجات زمانه وكافيا لجعله ينجز العمل الذي وكله الله اليه . ولكن لا يوجد انسان، مهما كان مقدار حيازته على رضى السماء عظيما، وصل الى ادراك كامل لتدبير الفداء الع ظيم، أو حتى الى التقدير الكامل للقصد الالهي في العمل الذي في عصره . فالناس لا يدركون تماما ما يريد الله أن يتممه بالعمل الذي يوكله اليهم ليعملوه، ولا يفهمون أو يستوعبون الرسالة التي ينطقون بها باسمه في كل وجهاتها وعلاقاتها. GC 381.2
”أإلى عمق الله تتصل أم الى نها ية القدير تنتهي“؟، ”لان أفكاري ليست أفكاركم ولا طرقكم طرقي يقول الرب . لانه كما علت السموات عن الارض هكذا علت طرقي عن طرقكم وأفكاري عن أفكاركم“. ”أنا الله وليس آخر . الاله وليس مثلي . مخبر منذ البدء بالاخير ومنذ القديم بما لم يُفعل“ (أيوب ١١ : ٧ ؛ اشعياء ٥٥ : ٨ و ٩ ؛ ٤٦ : ٩ و ١٠). GC 382.1
فحتى الانبياء الذين قد أكرمهم الله بانارة الروح الخاصة لم يدركوا تمام فحوى الاعلانات المعطاة لهم . وكان ينبغي أن يكشف المعنى من جيل الى جيل على قدر حاجة شعب الله الى التعليم المتضمن فيها. GC 382.2
يقول بطرس وهو يكتب عن الخلاص الذي كشف للنور بواسطة الانجيل: ”الخلاص الذي فتش وبحث عنه أنبياء . الذين تنبأوا عن النعمة التي لاجلكم. باحثين أي وقت أو ما الوقت الذي كان يدل عليه روح المسيح الذي فيهم اذ سبق فشهد بالآلام التي للمسيح والامجاد التي بعده ا. الذين أعلن لهم أنهم ليس لانفسهم بل لنا كانوا يخدمون“ (١ بطرس ١ : ١٠ ١٢). GC 382.3
ولكن مع أنه لم يُعطَ الانبياء أن يدركوا الامور المعلنة لهم ادراكا كاملا، فانهم بكل غيرة طلبوا أن ىُعطَوا كل النور الذي سُر الله بأن يعلنه لهم . لقد ”فتشوا وبحثوا“ ”باحثين أي وقت أو ما الوقت الذي كان يدل عليه روح المسي ح“. ما أعظم هذا من درس يجب أن يتعلمه في هذا العصر المسيحي شعب الله الذين لاجل منفعتهم أعطيت هذه النبوات ”والذين أُعلن لهم أنهم ليس لانفسهم بل لنا كانوا يخدمون“! انظر الى رجال الله القديسين اولئك وهم ”يفتشون ويبحثون“ عن اعلانات معطاة لهم عن أجيال لم تكن قد وُلدت بعد . وقارن بين غيرتهم المقدسة وعدم الاكتراث الفاتر الذي به يعامل اولئك المنعَم عليهم في العصور التالية هبَة السماء هذه . أي توبيخ هذا لعدم الاكتراث المتكاسل والمتهالك على أمور العالم والذي يعلن أن النبوات لا يمكن فهمها! GC 382.4