وهنالك حقا ئق مهمة عن الكفارة يمكن تعلمها من الخدمة الرمزية: كان في المستطاع قبول بديل عن الخاطئ، لكنّ الخطيئة لم تكن تشطب بدم الذبيحة . لذلك قُدمت وسيلة بها كانت تنتقل الخطيئة الى القدس. فبتقديم الدم كان الخاطئ يعترف بسلطة الناموس، فيعترف بذنبه في تعديه، ويعرب عن شوقه الى الغفران بالايمان بفادٍ سيأتي، ولكنه لم يكن يتحرر تماما من دينونة الناموس . ففي يوم الكفارة بعدما كان رئيس الكهنة يأخذ ذبيحة من الجماعة كان يدخل الى قدس الاقداس بدم الذبيحة ويرشه على غطاء التابو ت فوق الشريعة مباشرة لكي يقدم ترضيته عن مطالبه ا. وحينئذ ففي وظيفته كوسيط كان يأخذ الخطايا على نفسه ويحملها من القدس، واذ يضع يديه على رأس تيس عزازيل كان يعترف عليه بكل هذه الخطايا، وبذلك كان بطريقة رمزية ينقلها من نفسه الى التيس . وكان التيس يحملها بعيدا فتُعتبر قد انفصلت وابتعدت عن الشعب الى الابد. GC 462.2
هكذا كانت الخدمة تمارس على ”شبه السماويات وظله ا“. وما كان يصنع بطريقة رمزية في خدمة القدس الأرضي يصنع حقيقة في خدمة القدس السماوي. ان مخلصنا بعد صعوده بدأ عمله كرئيس كهنتن ا. فبولس يقول: ”لان المسيح لم يدخل الى اقداس مصنوعة بيد اشباه الحقيقية بل الى السماء عينها ليظهر الآن امام وجه الله لاجلنا“ (عبرانيين ٩: ٢٤). GC 462.3
ان خدمة الكاهن على مدار السنة في مسكن القدس الاول ”داخل الحجاب“، الذي كان بابا يفصل القدس عن الدار الخارجية، ترمز الى عمل الخدمة التي دخلها المسيح عند صعوده . لقد كان عمل الكاهن في الخدمة اليومية ان يقدم دم ذبيحة الخطيئة امام الله، كما كان يقدم البخور الصاعد مع صلوات اسرائيل . وهكذا تقدم المسيح باستحقاق دمه امام الآب لأجل الخطاة كما قدم امامه ايضا صلوات التائبين المؤمنين م عطرة ببره . مثل هذا كان عمل الخدمة في مسكن القدس الاول في السماء. GC 463.1
وقد تبعه ايمان التلاميذ الى هناك عندما صعد المسيح من بينهم الى السماء بعيدا من انظارهم . هنا تركز رجاؤهم، ذلك الرجاء الذي قال عنه بولس: ”كمرساة للنفس مؤتمنة وثابتة تدخل الى ما داخل الحجاب . حيث دخل يسوع كسابق لاجلنا صائرا ... رئيس كهنة الى الابد“، ”وليس بدم تيوس وعجول بل بدم نفسه دخل مرة واحدة الى الاقداس فوجد فداء ابديا“ (عبرانيين ٦ : ١٩ و ٢٠ ؛ ٩ : ١٢). GC 463.2
ولمدى ثمانية عشر قرنا ظل عمل الخدمة هذا في مسكن القدس الاول . وقد توسل دم المسيح لأجل المؤمنين التائبين وحصل لهم على الغفران والقبول لدى الآب، ومع ذلك فقد ظلت خطاياهم مسجلة في الاسفار . وكما ان في الخدمة الرمزية كان يوجد عمل كفارة في ختام السنة، كذلك قبل ان ىُكمَّل عمل المسيح لفداء الناس يوجد عمل كفارة لمحو الخطيئة وازالتها من القدس . فهذه هي الخدمة التي بدأت في نهاية ال ٢٣٠٠ يوم . ففي ذلك الوقت دخل رئيس كهنتنا الى قدس الاقداس، كما قد سبق النبي دانيال وأنبأ بذلك، ليمارس آخر جزء من عمله المقدس، أي ليطهر القدس. GC 463.3